تاريخ الجزائر السياسي من العهد النوميدي الى الاستقلال

الموضوع في 'تاريخ الجزائر' بواسطة أمة الرحمن الجزائرية, بتاريخ ‏24 فبراير 2010.

  1. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف



    لشعب الجزائري شعب مقاوم وأبي فقد برهن على ذلك منذ عصور ما قبل الميلاد
    فالفتح الإسلامي إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية وقد قام هذا الشعب بأعظم
    ثورة في القرن العشرين وقد استمدت عظمتها من قوة إيمان شعبها بحقهم في
    الحرية والعيش الكريم .فضحوا بأجود ما يملكون من الغالي والنفيس فلا يسعني
    إلى أن انقل إليكم مقولات سادتنا الشهداء. فقول الشهيد أحمد زبانة و هو
    أمام المقصلة" أنني مبتهج بأن أكون أوّل من يصعد الى المقصلة، فبنا أو
    بدوننا ستحيا الجزائر... ليس من عادتنا أن نطلب، بل من عادتنا أن ننتزع، و
    سننتزع منكم حريتنا ان عاجلا أو آجلا"و الشهيد سي الحواس" انني لا أخاف
    على الجزائر من العدوّ بقدر ما أخاف عليها من الذي يبثه العدوّ،...اننا
    نحارب بكل سلاح، بالمؤامرات و الدسائس و الأكاذيب و المدافع و القنابل و
    مع ذلك سنصمد و نمضي و ننتصر بحول الله" العربي بن مهيدي"اننا سننتصر
    لأنّنا نمثّل قوة المستقبل الزّاهر، و أنتم ستهزمون لأنّكم تريدون وقف
    عجلة التاريخ الذي سيسحقكم... لأنكم تريدون التشبث بماض استعماري متعفّن
    حكم عليه العصر بالزّوال، و لئن متّ فانّ هناك آلاف الجزائريين سيأتون
    بعدي لمواصلة الكفاح من أجل عقيدتنا".وانا في بحثي هذا-الذي لا تستطيع 20
    صفحة حمل كل مراحله-فاكتفيت بأهمها.

    أصـــالة الأمة الجزائرية

    U] أصل البربر أوالأمازيغ: *يذهب بعض الؤرخين أن البربر أبناء عم العرب و
    الفنيقين .قدموا كمهاجرين من آسيا عبر مصر وليبيا .وأنهم من مازيغ بن
    كنعان بن حـام بن نـوح عليـه السلام. وهناك من يقول أن البربر ساميون من
    أنساب العرب .فقد روى الطبري أنهم من نسل نقشان أو /نفسان/بن إبراهيم عليه
    السلام وهناك ما يرى أنهم من ولد النعمان بن حمير بن سبأ.فهم اذن عرب
    .فرقة أخرى تقول أنهم حاميون وقد دلت الآثارالقديمة التي إكتشفت في بلاد
    الجزائر أن هذه الأرض كانت مأهولة في العصر الحجري بأقوام غير العنصر
    البربري .أما الذي إستوطن كامل شمال إفريقيا منذ عصور قديمة جدا لم يستطيع
    البحث إكتشاف مجاهلها. و الأمازيغ هم "قوم أشراف"يدعون أنفسهم " الأمازيغ"
    أي السادة الأحرار لا يتحملون الخضوع لسلطان ولا يرضخون إلا للقوة وعلى
    مضض وقد دل التحليل اللغوي أن "الأمازيغية "مثل "الجبابلية "أو" الشلحية
    "هي لهجات قديمة متفرعة عن كتلة لغوية واحدة .هي كتلة العروبة .فالبربرية
    أو الأمازيغية سواء على مستوى المفردات أو على مستوى النحو أو على مستوى
    تركيب الجملة هي فرع من شجرة الأم وهي اللغة العربية وحاول الكتاب
    الغربيون .منهم الإستعماريون أن يرجعوا أصل البربر إلى سكان ضفاف بحر إيجي
    لينسبوهم إلى العرق الجرماني و ليبرروا بذلك إحتلال فرنسا للجزائر .وحينما
    إستولى الرومان على هذه البلاد أطلقوا على سكان شمال إفريقيا لقب
    "البرابرة " لأنهم لا يفهمون لغتهم اللاتين
     
  2. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    لجزائـر من نومـــيديا إلــى نهــــاية الاحــــتلال البزنطـــي

    نوميـــــــــــــــــــــــــــديا

    نوميديا هي مملكة امازيغية قديمة قامت في غرب شمال افريقيا ممتدة من غرب
    تونس الحلية لتشمل الجزائر الحالية وجزء من المغرب الحالي, وكانت تسكنها
    مجموعتين كبيرتين, احداهما تسمى: المازيليون, في الجهة الغربية من مملكة
    نوميديا, وهم قبيلة تميزت بمحالفة الرومان والتعاون في ما بينهم ضد قرطاج,
    اما القبيلة الأخرى فكانت تسمى بالمسايسوليون وهم على عكس المازيليين
    كانوا معادين لروما متحالفين مع قرطاج وكان موطنهم يمتد في المناطق
    الممتدة بين سطيف والجزائر العاصمة ووهران الحالية. وكان لكل قبيلة منهما
    ملك يحكمها اذ حكم ماسينيسا/ماسينيزا على القبيلة المزيلية في حين حكم
    سيفاكس على المسايسوليين.

    تاريخ تأسيس نوميديا. لا يعرف تاريخ تأسيس مملكة نوميديا على وجه التحديد,
    فبعض المصادر القديمة سواء المصرية الفرعونية او اللاتينية اشارت الى وجود
    ملوك امازيغ في شمال افريقيا, بحيث تروي بعض الروايات الأسطورية او
    التأريخية ان الأميرة الفنيقية أليسا المعروفة بديدو ابتسمت باغراء لأرضاء
    الملك الأمازيغي النوميدي يارباس ليسمح لها بالأقامة في مملكته, وهو ما
    رواه المؤرخ اللاتيني يوستينيوس نقلا عن غيره. كما اشارت بعض المصادر
    اللاتينية ان كلا من الملكين الأمازيغيين: يارباس ويوفاس رغبا في التزوج
    بالأميرة الفينيقية أليسا, كما اشار الشاعر فيرخيليوس الى ان يارباس كان
    يفرض زواجه على أليسا كما كان يقدم القرابين لأبيه جوبيتر-آمون في معابده
    الباهرة ليحقق له امنيته. غير ان هذه الأساطير ليست دقيقة فالأستاذ محمد
    شفيق يتساءل عما اذا كان المقصودون هنا هم زعماء القبائل. وحسب الأستاذ
    نفسه فأنه من المحقق انه كان هناك ملوك للأراضي النوميدية, وان جل
    المؤرخين يعتقدون ان أيلماس هو المؤسس لمملكة نوميديا, وللأشارة فان الملك
    ماسينيسا الذي ينتمي الى اسرة أيلماس كان يطالب باسترداد اراضي اجداده في
    حربه ضد قرطاج ومملكة موريطانيا الطنجية (شمال المغرب) مدعوما بروما.

    نوميديا في عهد ماسينيسا.

    يعتبر ماسينيسا اشهر الملوك النوميديين, اذ تميز بقدراته العسكرية بحيث
    تمكن من هزم خصمه الأمازيغي سيفاكس, كما تمكن من هزم حنبعل القرطاجي اعظم
    الجنيرالات التاريخيين, في معركة زاما بتونس الحالية سنة 202 قبل الميلاد.
    ولربما لأسباب عاطفية تكمن في تزوييج القرطاجيين خطيبته : صوفونيسا لخصمه
    المسايسولي سيفاكس, رافعا شعاره الشهير: افريقيا للأفارقة, متحالفا مع
    روما, عاملا على تأسيس دولة امازيغية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية.
    وفي عهده برزت نوميديا في ميادين عسكرية وثقافية متبعا التقاليد الأغريقية
    في ما يتعلق بالطقوس الملكية, ومتبنيا الثقافة البونيقية في الميادين
    الثقافية. كما جهز الأساطيل ونظم الجيش وشجع على الأستقرار وتعاطي الزراعة
    وشجع التجارة الشيء الذي جعله يعتبر ابرز الملوك الأمازيغ القدماء.

    نوميديا بعد ماسينيسا ماسينيسا الذي بلغ من الكبر عتيا لم يأخذ بالحسبان
    المطلوب القوة الرومانية ، كما انه لم ينظم امور الملك, فبعد وفاته قامت
    صراعات بين ابنائه لحيازة العرش, فتدخل الرومان ووزعوا حكم نوميديا التي
    اصبحت الخطر القادم بعد انهيار قرطاج, على ثلاثة من ابائه, ونصبوا مسيبسا
    حاكما لنوميديا وعمل على مد جسور العلاقات الودية مع روما, في حين جعل
    اخوه غيلاسا قائدا للجيش, بينما جعل الأخ الثالث: ماستانابال القائد
    الأعلى في مملكة نوميديا, غير ان ميسيسا سينفرد بالملك بعد وفاة اخوته في
    وقت مبكر .
     
    أعجب بهذه المشاركة محب العلم
  3. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    وميديا بعد ميسيبسا.

    بعد وفاة ميسيبسا سيندلع ايضا صراع بين أبنائه وهم: هيامبسل واذر بعل وابن
    أخيه يوغرطا الذي هو حفيد لماسينيزا, وعلى غرار التجربة الأولى عملت روما
    على التدخل لتوزيع مملكة نوميديا قصد إضعافها غير ان يوغرطا تميز بقوميته
    على غرار جده ماسينيسا حالما بإنشاء مملكة نوميدية امازيغية قوية, بعيدة
    عن تأثير القوة الرومانية.

    نوميديا في عهد يوغرطا بعد الصراع بين ابناء ميسيبسا تمكن يوغرطا من
    القضاء عليهم, ومن مدينته سيرطا التي اختارها كمنطلق لحروبه ضد الرومان
    كبد روما خسائر كبيرة في جنودها حتى بدا وكأن الفوز سيكون لا محال من نصيب
    يوغرطا, غير انه وحسب الروايات المتداولة قام احد ملوك موريطانيا الأمازيغ
    التي وجدت في منطقة المغرب الحالي وهو بوشوس غدر به في فخ روماني, وبذلك
    تم القبض عليه وسجن الى تمكن منه الموت

    نوميديا بعد هزيمة يوغرطا بعد هذه الهزيمة اصبحت شمال افريقيا غنيمة في يد
    الرومان, وبدل جعلها عمالة تابعة لروما, نصبوا ملوكا امازيغا على شرط
    قيامهم بمد روما بالثروات الأفريقية, وبذلك تم تقسيم مملكة نوميديا الى
    ثلاثة مماليك, استأثر فيها بوشوس بالجزء الغربي جزاء عمالته, في حين حصل
    غودا على الجزء الشرقي, اما ماستانونزوس فقد حصل على الجزء الأوسط من
    مملكة نوميديا الموزعة.

    نوميديا في عهد يوبا الأول بعد خلفاء بوشوس الذين تميزوا باقامات علاقات
    ودية مع روما, ظهر ملك امازيغي نوميدي آخر, وهو حفيد ليوغرطا وكان اسمه
    يوبا الأول. هذا الآخير حلم على نهج اجداده يوغرطا وماسينيزا لبناء دولة
    امازيغية نوميدية مستقلة تكفيهم التدخلات الأجنبية. وفي سنة 48 قبل
    الميلاد بدت الفرصة سانحة لتحقيق هذا المأرب, ذلك ان صراعا قام بين
    بومبيوس وسيزر حول حكم روما. واعتقد يوبا الأول ان النصر سيكون حليفا
    لبوميوس وراهن على حلف بينهما غير ان النصر كان مخالفا لتوقعات يوبا الأول
    وتمكن سيزر من هزم خصمه بومبيوس. ففي سنة 48 قبل الميلاد تمكن الجنود
    الرومان وجنود كل من بوشوس الثاني وبوغود الثاني من تحقيق نصر مدمر ضد
    جيوش يوبا الأول وبومبيوس. وعلى الرغم من تمكن يوبا الأول من الفرار الى
    انه انتحر بطريقية فريدة دعا فيها احد مرافقيه من القادة الرومان الى
    مبارزة كان الموت فيها حليفا لكل منهما .
     
  4. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    وميديا كمقاطعة رومانية

    بعد هزيمة يوبا الأول فقدت نوميديا استقلالها السياسي, وكانت نهايتهاعام
    46 ق.م بعد مرور مائة سنة على ذكرى قرطاجةسنة 146 ق.م وبهذا دخلت نوميديا
    فترة جديدة وهي فترة الحكم الروماني.

    سياسة روما وتعيين يوبا الثاني. يوبا الثاني هو ابن يوبا الاول.ولد عام 50
    ق م .تبناه- يوليوس قيصر-وسماه يوبا إحياء لوالده أعطاه تربية رومانية
    ليكون في المستقبل صديقا للرومان .ولما توفي –يوليوس- وخلفه –أغسطس قيصر-
    اعتنى به هو الآخر ثم سلمه لآخته – اكطافية- زوجة انطونيوس- فملأت قلبه
    بحب الرومان فنشا رومانيا في روحه وسلوكه . تلقى العلوم والفنون في معاهد
    روما فنبغ في التاريخ والجغرافيا والعلوم الإنسانية...الخ. لقد اجلسه
    الرومان الدين ربوه على عرش آبائه بعد ان تم تزويجه من كليوباترة سيليني )
    القمر( ابنة كليوباترة الملكة المصرية الشهيرة. لجعل إخلاصه للرومان
    متواصلا كما اتخذ من مدينة –يول - )شرشال( عاصمة له وكان يعيش في
    جو-هيليني- .اهمل يوبا ثاني رعيته ورماها في حماة العبودية من جهة .ومن
    جهة أخرى أراد ان يغرس فيها حب الرومان وثقافته لكن الثقافة تتنافى مع
    العبودية-, فلم يكن يدرك قيمة بلاده وقيمة رعيته ...-. لقد كان وضع
    البرابرة في عهد الاحتلال يرثى له مثله في دلك مثل أحفاده في الاحتلال
    الفرنسي .

    ثورة تاكفريناس (17م-24م):

    كان تاكفريناس س ضابطا في الجيش الروماني .فتحركت فيه عزة النفس بالرغم من
    رغد العيش وترفه الذي كان يعيشه في ظل الرومان .وهو يشاهد قومه كيف
    يستغلون و يستبعدون الأمر الذي د فعه إلى التمرد وإعلان الثورة على
    الاحتلال الروماني . انطلق من الأوراس بعد أن أعد العدة ودرب أنصاره هناك
    .معلنا ثورته عام 17م التي عمت تقريبا جميع بلاد المغرب من موريتانيا غربا
    إلى طرابلس شرقا .وقد كبد تاكفريناس الرومان عدة هزائم .هددت وجودهم في
    المنطقة ودفعتهم إلى تعبئة كل قوا تهم .وبينما كان تكفرينا س في شرق سور
    الغزلان .فجاءته قوات رومانية موريتانية .فدافع تاكفريناس دفاع الأبطال
    حتى سقط في ميدان القتال عام 23م.لتخمد بذلك ثورته .وتندلع ثورات أخرى
    للتخلص من الاحتلال الروماني.

    *حكم بطليموس 23م-40م):

    خلف بطليموس والده يوبا الثاني .وقد ذهب في زيارة ودية إلى روما في عهد
    الإمبراطور كاليقولا (37م-41م)"المعتوه الأحمق".وكان بطليموس قد ارتدى
    ثيابا فاخرة تفوق لباس الإمبراطور .فحقد عليه وأمر في الحال بإعدامه.عام
    40م.وبموته انتهت مملكة موريتانيا .وحولت إلى ولايتين رومانيتين باسم
    موريتانيا القيصرية .وموريتانيا الطانجية .وبذلك سيطر الرومان على الشمال
    الإفريقي كله من طرابلس إلى طانجة . أما البلاد الداخلية فلم يتعدى نفوذهم
    إليه كثيرا واستمرت كمراكز .لانطلاق المقاومة الشعبية .حيث قامت ثورة
    أهالي وقبائل جبال بابور ما بين سكيكدة وقسنطينة عام 253م ولم تنته هذه
    الثورة في 262م .لتبدأ ثورات أخرى ببلاد القبائل الحالية من عام 269م إلى
    298م.وفي عام 372م تبدأ ثورة النوميدي "ضد الرومان بجهات جرجرة لتستمر حتى
    عام 375م.
     
  5. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    لتدهور الروماني وانتشار الديانة المسيحية:

    كان الرومان وثنيين يعبدون الأوثان ويأهلون ا لشمس وغيرها من الأصنام لقد
    كانوا غارقين في ظلمات الإشراك بالله سبحانه وتعالى عما يشركون .ولما جاء
    الدين المسيحي أصبح لهم أنصار كما أصبح لهم أعداء .فما كادت روما تعشق
    الديانة المسيحية وتجعلها دينا رسميا .عام 312م.حتى أخذا البربر ينفرون من
    ذلك الدين ويأتمرون بأمر راهب بربري يدعى دونات الغربي .أو "دوناتوس"الذي
    أسس مذهبا إنشق عن الكنيسة المسيحية الموالية للحكم الروماني .وقد ظهرت
    الحركة الدوناتية سنة 313م.وكان ظاهرها دينيا وباطنها سياسيا .ترمي إلى
    تحرير المغرب من ظلم الرومان وجبروتهم .كان اليونانيون قد تعرضوا إلى
    مطاردة الرومان الذين اعتبروهم خارجين عن القانون.فالتف حولهم جميع
    المعارضين للسلطة الرومانية.

    *نهاية الاحتلال الروماني:

    كان دونات قد ألف جندا ظاهره نصرة المذهب الدوناتي .وباطنه تحطيم السلطان
    الروماني .فزرع هذا الجند بذور الثورة في كل بلاد المغرب .وكان النظام
    الاستعماري الروماني أكبر أسباب هذا ا لهيجان . انهزم الدوناتيون في عدة
    مواقع أمام الجند الروماني عبارة عن قلاقل وفتن و مذابح لا نهاية لها
    .وكان الوالي العام الروماني يومئذ يدعى الكونت"يونيفاس"وهو متزوج من
    إمراة وندالية قد خشي عزله من طرف سلطة روما .فأعلن عصيانه و انفصاله عنها
    عام 429م .واستقدم الو ندال الجرمانين المستقرين بإسبانيا .حيث زحفوا على
    إفريقيا عام 429م .بعد أن اتفق مع الوندال ليتركوا له الاحتفاظ بمملكة
    إفريقيا مقابل التنازل لهم عن بلاد الأقصى وأرض الجزائر.وهكذا انتهى
    الاحتلال الروماني للبلاد الذي استمر قرابة ستة قرون .لم يستفد منها
    البربر سوى البؤس والشقاء والتعذيب والتقتيل والتشريد .في حين عاش الرومان
    عيشة البذخ والترف .

    نوميديا أثناء الاحتلال الوندالي
    اصل الوندال:

    الوندال قبائل من أصل جرماني كانت تقطن شمال أوروبا حول بحر البلطيق.بدأت
    تنتشر في جنوب ألمانيا خلال القرن الخامس ميلادي ثم تقدمت إلى بلاد غالية
    "فرنسا"ووصلت الى اسبانيا عام 409م.عندما اشتدت المؤامرات الداخلية ضد
    بونيفاس عام 422 م
    كان الحاكم الروماني على افريقيا في مدينة سبتة قد كانت حكومته بعزله عام
    427م فعصى امرها و استنجد بالوندال الذين كانوا يحكمون اسبانيا فلبوا طلبه
    وعبروا مضيق جبل طارق الى افريقيا عام 429م بقيادة "جزريق"حيث كان عدد
    جموعهم حوالي ثمانين الفا من بينهم خمسة عشر الف جندي ونزلت على الشواطئ
    المغربية بنواحي الغزوات لتواصل زحفهاشرقا فأتت على الأخضرواليابس أثناء
    زحفها حيث قامت بقطع الأشجار وإتلاف المزروعات وتقتيل الأبرياء من النساء
    و الأطفال والشيوخ ورجال الدين. وفي هذه المدة كان القديس أوغستين يسعى
    الى الصلح بين بونيفاس و الحكومة الرومانية بروما .فطلب بونيفاس بعد ان
    اعادتهروما الى ولايته من الوندال الرحيل عن افريقيا فاعلنوا عليه الحرب
    وهزموه وحاصروه حتى اخرجوه منها سنة431م
     
  6. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    لتوسع الوندالي و الحماية الرومانية:

    استولى الوندال على نوميديا وما يليها غربا واتخذوابونةعاصمة
    مملكتهم.ولماينست روما من استرجاع مستعمراتهاعن طريق الحرب .جنحت للسلم مع
    الوندال فعقدت مع جزريق صلحا يقصي بالإعتراف بحماية الرومان عليهم ووقف
    نفوذالوندال عند حدود نوميديا شرفا ووضع هنريك بن رهينة عندها .ولكن لم
    يحترموا هذا الإتفاق طويلا.بل اغتنموا فرصة انشغال الرومان بمحاربة القوط
    وشنوا حملة كبيرة على مدينة قرطاجنة واستولوا عليها عام 439م ونقلوا اليها
    عاصمتهم واسسوادولة وراثية تداول الحكم عليها ستة ملوك :جزريق
    (429م-477)واخرهم جليمار (531-م534م) وقد استطاع الوندال ان يستولوا على
    جزر البليار وسردينيا وكورسيكا وصقلية.واحتلوا روما لمدة 15يوما عام 455م
    ثم رحلواعنها.

    الثورات الشعبية:

    قامت ثورات بربرية عديدة تطالب بتحرير البلاد .في الوقت الذي نشبت فيه
    خلافات بين الوندال انفسهم على السلطة .حيث كثرت الدسائس والمؤمرات ضد كل
    حاكم. لقد تبين للبرابرة ان الوندال مثل الرومان في القسوة والوحشة
    والاستغلال.وشملت الثورات.جميع المناطق من موريطانياغربا الى طرابلس شرقا .
    وقد حاول جليمار –دون جدوى- القضاء على تلك الثورات الأهلية .في الوقت
    الذي قدم فيه الروم البيزنطيون الذين يعتبرون أنفسهم الوارث الشرعي للدولة
    الرومانية الى حرب جليمار .حيث استولوا على قرطاجنة عام 533م وظل جليمار
    يجمع الوندال ويحاول التحصن بالحبال الى ان استسلم الى الروم
    عام534م.وباستسلامه انتهى الاحتلال الوندالي الذي استغرق بالبلاد ما يزيد
    عن قرن .لم يترك من ورائه سوى الهدم وسفك الدماء ليخلفه كذلك في سياسة
    القتل و التدمير احفادالرومان .الذي لا يذكر لهم البرابرة سوى هذه الصور
    المظلمة القاتمة التي تعود اليهم من جديد.
    الجزاـئر في ظل الفـــــــــــــتح الإســلامي27ه(647م)-160ه(776م)

    مراحل الفتح:

    الفتح الأول:

    لما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة امر اخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد
    بن ابي سرح العامري الذي كان ولاه واليا على مصر عام26هـ خلفا لعمرو بن
    العاص.
    ان يتهيأ لفتح إفريقيا .وفعلا اذن له بذلك في شهر محرم من عام 27هـ(تشرين الأول)عام647م.
    خرج عبدا لله بن ابي سرح من مصر الى افريقية في عشرين الفا من المجاهدين
    .وكان في جيشه من وجوه الصحابة اهل الشجاعة والتضحية في سبيل الله.مثل عبد
    الرحمان بن ابي بكر.ومروان بن الحكم.وعبد الله بن الزبيروعبدالله بن
    جعفروعبدالله بن عباس وعقبة بن نافع وعبد الله بن عمروابوذؤيب الهذلي.
    التقى المجاهدون بجرجير الذي خرج من سبيطلة بمائة وعشرين ألفا من الروم
    والبربردارت المعركة بين الفريقين حيث قتل جرجيرعلى يد عبدالله بن
    الزبير.واندفع المسلمون إلى عاصمة سبيطلة ففتحوها ثم إلى قفصة ثم إلى قصر
    الأجم. وعلى إثرهذا الإنتصار الكبيرطلب الأفارقة من أبي سرج الصلح مقابل
    دفع جزية سنوية فخرج عنهم وعاد إلى مصر بغنائم كثير
     
  7. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    لفـــــــتح الثــــــــانــــــي:

    عندما إستشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ووقعت الفتنة الكبرى.نفض
    البرابرة الصلح عام 33هـ (645م)في حين تكالب الروم على البلاد
    الإسلامية.فأرسل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه معاوية بن حديج الكندي
    لفتح إفريقيا عام 45هـ (666م) بجيش قوامه عشرة آلآف مجاهد منهم بعض
    الصحابة وكبار القادة مثل:عبد اللهبن عمر بن الخطاب وعبدالله بن
    الزبيروعبد الملك بن مروان .وتم فتح جربة قرب خليج قابس وسوسة وبيروت
    وغزيت صقلية ثم رحل ابن حديج إلى مصر .إثر هذه المراحل الستكشافية.تبدأ
    مرحلة التأسيس و الإستقرارونشر الدين الإسلامي

    الفتح الثالث:

    ولاية عقبة بن نافع الفهري :في عام50هـ(670م)أرسل معاوية بن أبي سفيان
    .عقبة بن نافع الفهري إلى إفريقية فتوسع في الفتح وقام بتأسيس مدينة
    القيروان التي صارت قاعدة للجيوش الإسلامية وعاصمة لإفريقية ومركز للعلم و
    الحضارة في العالم الإسلامي .
    أثناء ذلك فصل معاوية بن أبي سفيان ولاية أفريقية عن ولاية مصر فآرق ابن
    حديج على مصر وولي افريقية عقبة بن نافع الفهري الذي عمل على إخضاع البربر
    وتثبيت الفتح و الاستقرار إلى أن تم استدعاؤه إلى المشرق عام55هـ (675م).
    ولاية أبي المهاجر دينار:واصل أبو المهاجر دينار الفتح .فأسس أسوة بعقبة
    مدينة أخرى إلى جانب القيروان سماها "تكروان"ثم اتجه بعد ذلك إلى الجهات
    الغربية حبث الجزائر الحالية ومر بمدينة بسكرة ونواحيها وقاتل بعض رؤساء
    القبائل واتخذ مدينة ميلة مركز للعمليات العسكرية .ثم تقدم إلى تلمسان حيث
    حفر عددامن الآبار للشرب و السقي ما تسمى إلى اليوم "عيون أبي المهاجر".
    وكان من أمراء البربر أميرا يدعى كسيلة .الذي كانمن الموالين للروم .حيث
    عرض عليه أبو المهاجر الإسلام فرفض الإستجابة كان كسيلة قد جمع جموعه من
    البربر و الروم فاصطدم جيشه بالفاتحين المسلمين بقيادة أبي المهاجر
    دينار.فاسفرهذا الاصطدام عن انتصار ساحق للمسلمين وهزيمة منكرة لقبيلة
    "أوربة"ولقائدها كسيلة الذي وقع أسيرا في يد المسلمين .بالرغم من تفوق جيش
    كسيلة في العدة والعدد وفي قرية من مراكز الإمداد.مما يبين بجلاء وعد الله
    الذي لايخلف الميعاد.قوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم )).
    كان كسيلة قد أضهر الإسلام.فقبل أبو مهاجر ذلك منه وكان يستصحبه في حله وترحاله.
    ولاية عقبة بن نافع مرة ثانية :لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة أعاد
    تولية عقبة بن نافع على ولاية أفريقية عام 62هـ(682م).قام بتجنيد بناء
    مدينة القيروان التي استخلف عليها زهير بن قيس البلوي.واتجه إلى المناطق
    الغربية لمواصلة الفتح ونشر دعوة الإسلام .وصحب معه أبا مهاجر وصديقه
    كسيلة مقيدين .كما يذكر بعض المؤرخين كما كان موقفه تجاههما صارما مثلما
    يذكر البعض الآخر.
    استطاع عقبة بن نافع أن يفتح باغاية قرب خنشلة وحارب الروم في قلعة لامبيس
    وأخرج الروم والفرنجة من الحصون والقواعد التي كانوا يملكونها و التي
    كانوا يشنون منها الغارات على المسلمين لقد قام بمسح عام وواسع لمعظم
    مناظق المغرب الأوسط و الأقصى حتى طنجة.حيث لم يبق أمامه إلامياه المحيط
    الأطلسي.فقيل إنه اقتحمها بفرسه ورفع يده إلى السماء بأعلى صوته
    قائلا:<اللهم فأشهد أني قد بلغت ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل
    في سبيلك حتى لا يعبد أحد دونك >ولم يقف عند هذا الحد بل اخذ يتوسع في
    الفتح حتى اقتحم إقليم السوس الأقصى وأخضع المصادمة في جبل درن.
    وبدأت الدعوة الإسلامية تنتشر.حيث بدأ الناس يقبلون عليها بصدر رحب بعدما
    آمنوا واقتنعوا بما جاءت به من رحمة و هداية و عدالة وأخوة ومساوات بين
    الناس.حيث لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.أي أن عنصر المفاضلة في
    الإسلام ليس المال و الجاه أو الأصل وإنما هو التقوى.
    استشهاد عقبة بن نافع ومن معه من أصحابه :لما توالت الهزائم على الروم
    والبربر.لجأ من بقى منهم إلى الحصون و المعاقل التي لم يتم محاصرتها .وبعد
    فتح طنجة .اعتزم عقبة الرجوع إلى القبروان فأمر جنده أ ن يسبقه هناك ولم
    يبق معه إلا حوالي ثلاثمائة من أصحابه وفيهم أبو مهاجر دينار .واتجه بهم
    نحو "تهودة"في بلادالزاب جنوب جبال أوراس قريبا من بسكرة كان كسيلة يضطغن
    على عقبة .فاحتال في مراسلة الروم لانتهاز الفرصة لقتل عقبة وأصحابه فلحق
    بهم جيش كثيف من الروم والبربر.فاستشهد عقبة ومن معه جميعا في أواخر سنة
    63هـ(683م).
    ولا شك أن خيانة كسيلة وردته أدت إلى هذه المجزرة الرهيبة التي هي في
    الحقيقة شهادة في سبيل الله عزوجل.إنما طبيعة المنافقين تظل هي نفسها في
    كل زمان ومكان كلما أتيحت لهم الفرصة خدعوا وغدروا بالمسلمين.
    لقد ضحى عقبة بن نافع وأصحابه بحياتهم في سبيل إرساء قواعد الإسلام في هذه
    البلاد.فحق أن يعدوا في قوائم الشهداء الأبرار كشهداء بدرو أحد بيد أن
    كسيلة لم يجن شيئا لصالحه وإنما كان المستفيد الأول هم حلفاؤه من الروم
    الذين أخذوا في كسب المواقع الجديدة وتحصين مراكزهم.
    في هذه الأثناء كان كسيلة قد وصل إلى القيروان عام64هـ(684م)وإستولى عليها و أخرج منها زهير بن قيس البلوى الذي تراجع إلى برقة.
    ولاية زهير بن قيس البلوى :وبدون ترددعين الخليفة عبد الملك بن مروان زهير
    بن قيس البلوى عام69هـ(689م)وأمده بجيش كامل العدة جهزها من مصر وأختارله
    أمهر القادة في فن القتال
    سار زهير إلى القيروان فإذا كسيلة قد جمع جيوش كثيفة من الروم والبربر
    الموالين له ونشبت المعركة فقتل كسيلة وإنهزمت جيوشه على كثرة عددها.وآثر
    زهير الرجوع إلى برقة فأغار الروم على سواحل برقة بأسطول كبير مشحون بجيوش
    كثيفة وأكثروا هنالك القتل و الأسر و النهب ووافق تلك الغارة وصول زهير بن
    قيس فدخل المعركة منجدا .ولكن الروم من الكثرة بحيث لم تكن المعركة
    ن\متكافئة .فاستشهد زهير وكثرون ممن كانوا معه عام69هـ (689م)وكان استشهاد
    زهير في الفجيعة كمقتل عقبة من قبل
     
  8. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    ولاية حسان بن النعمان:بدأ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يولي أهمية
    مباشرة ـــ بعد استشهاد زهير ـــ لشؤون أفريقية.فجهز جيشا ضخما بقيادة
    حسان بن النعمان وعين رجالا أكفاء كقادة ومسؤولين عن هذا الجيش الذي قدر
    عدده بأربعين ألفا دخل حسان أفريقية عام74هـ(693م)ومضى يسترد مدنها واحدة
    تلو الأخرى فدخل القيروان ثم إلى قرطاجة فحاصرها وقاتل الروم الذي كانوا
    متحصنين بها وهدم أسوارها وخربها فلم يبق أي أمل إلا الفرار منها فتم
    فتحها .كما أنزل بهم الهزيمة بمدينة بنزرت التونسية و كذا بباجة في حين
    فرت البقية إلى مدينة بونة (عنابة)الجزائرية .
    كان البربر قد اجتمعوا بعد مقتل كسيلة على امرأة من بني جروة من البتر
    التي اتخذت مقرها بجبل الأوراس اسمها "دهيا" وتعرف بالكاهنة لادعائها
    معرفة الأمور الغيبية الأمر الذي يفسر ربما التفاف الناس من حولها لاحتجاب
    الحق عن بصرهم وخلو قلوبهم من الإيمان بالله عزوجل. ولسوء رأي المرأة.كانت
    قد اضطهدت الكثير من النصارى و الأفارقة.حيث خرج ضدها الكثير مستغثين
    بالمسلمين .ولما علمت بقدوم حسان اتجهت نحوة بلدة باغاية وعسكرت بها ثم
    انتقلت إلى بلدة مسكيانة.أما حسان فقد عرج على الشمال الشرقي عبر وادي
    مسكيانة بين العين البيضاء وتبسة وجرت معركة كبيرة انتهت بتراجع حسان
    وجيوشه نحو برقة .حيث كاتب الخليفة عبد الملك بما حصل فرد عليه بأن ينتظر
    هناك حتى تصل تعليمات أخرى جديدة وخلال هذا الانتظار قامت الكاهنة .ظنا
    منها أن المسلمين .إنما قدموا من أجل الأموال والغنائم .بتخريب المدن وقطع
    الزرع و الشجر.وتطبيق سياسة إحراق الأراضي فكان هذا العمل التخريبي قد زاد
    من سخط البرابرة عليها وعلى تصرفاتها الحمقاء .وغاب عن ذهنها أن الفتح
    الإسلامي إنما جاء استجابة للباعث الروحي بهدف نشر الدعوة الإسلامية وعمل
    الكاهنة لا تأثير له على هذا الباعث ((الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه
    ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا)).
    لقد باتت كل الأسباب مهيأة للمسلمين لتحقيق الإنتصار على الكاهنة بعد وصول
    المدد من الشام عام81هـ(700م).فرحب البرابرة بالفاتحين بعدما ذاقوا كل
    أنواع الظلم الذي مارسته الكاهنة ضدهم و كذا الروم من قبلهم .وجد حسان في
    مطاردة الكاهنة التي تخلى عنها أكثر قومها حيث استطاع أن يقضي عليها ومن
    بقى معها في جبل الأوراس في موضع عرف فيما بعد ببئر الكاهنة .وكان مقتلها
    عام 82هـ (701م).ثم أمن حسانالبربر فأرسى قواعد النظام الإسلامي في هذا
    البلد بعد أن أطلع الناس على فضائله ومبادئه القائمة على أساس الأخوة و
    العدالة و المساواة ولافرق بين عربي وأعجمي لا بالتقوى .ثم بعد ذلك توجه
    إلى العناية بالعمران فأعاد بناء القيروان وشجع الناس على البناء فاتسعت
    بذلك المدينة وصارت تستقطب الناس من كل النواحي.
    ولاية موسى بن نصير:أوفد الوليد بن عبد الملك القائد الإسلامي موسى بن
    نصير .بعد أن تم استدعاء حسان عام85هـ (704م).فقام بفتح زغوان بتونس ثم
    فتح عاصمة الزاب "طبنة" وأخضع قبائل هوارة وزناتة وكتامة .ثم اتجه
    نحوالمغرب الأقصى فوصل طنجة وكان لا يزال فيها بولبان الذي كان حاكما على
    مدينة سبتة .حيث شجعه على فتح الأندلس لقلب الحكم هناك بهدف اعادة صهره
    غطيشة الملك المخلوع وازالة الملك من لذريق وحزبه .غير انه قد غاب عن ذهنه
    أ، الفاتحين المسلمين إنما خرجوامن بلادهم للجهاد في سبيل الله ولم يكونوا
    ليجعلوا من دينهم أو من أنفسهم وسيلة لتحقيق أغراض قوم آخرين "لأن الذين
    اشتروا الآخرة بد نياهم لا يمكن أن يبيعوا آخرتهم برد الدنيا إلى غيرهم".
     
  9. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    تائج الفتح الإسلامي.

    يمكن تلخيص نتائج الفتح الإسلامي بشمال افريقيا في ثلاث نقاط رئيسية هي:
    1-نشر الدين الإسلامي ودخول البربر طواعية لهذا الدين بفضل مبادئه السمحة ومثله السماوية العليا.
    2-تحقيق الاندماج السريع بين المسلمين الفاتحين وبين سكان البلاد الأصليين
    فأصبح عنصر التمايز بين الجميع "التقوى "فلا فرق بين أعربي وأعجمي إلا
    بالتقوى .تلك هي القاعدة التي أرست مبدأ الأخوة والمحبة و العدالة بين
    الناس.
    3- تحقيق الوحدة الإسلامية والوطنية واللغوية وإزالة الفرقة والتمزق الذي
    خلفه الإستعمار البيزنطي وما قبله وربط الوحدة السياسية في إطار الدين
    الإسلامي الجديد بالخلافة الإسلامية في المدينة المنورة أولا .ودمشق ثانيا
    .وبغداد ثالثا. ثم حدثت من بعد ذلك تطورات جديدة نتيجة الفتنة الكبرى
    وظهور الخوارج وزعامات محلية مستقلة عن الخلافة الإسلامية في الإطار
    الإسلامي.
    وبالرغم من دور الدول الإسلامية التي ظهرت في المغرب والعمل من أجل ترسيخ
    العقيدة الإسلامية واللغة العربية في هذه البلاد وكذا دورها الحضاري و
    الدعوى الذي تجاوز الحدود الجغرافية لشمال إفريقيا.إلا أن هذه الفرقة وهذا
    التمزق في النهايةإلى دخول المغرب في صراعات مذهبية
    وسياسية أثرت تأثيرا بالغا وحدة الأمة الإسلامية وصدق الله العظيم إذ يقول ))ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)).
    الجزائر في ظل الدول الإسلامية160ه(776م)-962ه(1554م)

    الدولة الرستمية:
    الأصل: سلالة من الإباضيين حكمت في الجزائر بين 776-908 م.
    المقر: تاهرت/تيهرت (اليوم: تيارت).
    مؤسس السلالة، عبد الرحمن بن رستم (ذو أصول فارسية) كان منذ 758 م واليا
    على القيروان من قبل الخوارج. فر بعد عودة ولاة العباسيين إليها إلى
    تاهرت، تمت مبايعته إماما على الجماعة (776-784 م). أتم الرستميون السيطرة
    على مناطق وسط الجزائر أثناء عهد ابنه عبد الوهاب (784-823 م) ثم وضع نفسه
    نفسه تحت حماية الأمويين حكام الأندلس. الشيء الذي مكنه من إقامة علاقات
    جيدة (تجارية) مع الأندلس. توطدت الدولة و ساد الاستقرار في عهد أبو سعيد
    الافلح (823-868 م) ثم أبو حاتم ويسف (868-894 م) من بعده. أصبحت تاهرت
    عاصمة الخوارج الثقافية و الفكرية في الشمال الإفريقي. سنة 908 م قام
    الداعية الشيعي أبو عيبد الله الشيعي صاحب الفاطميين بالقضاء على دولتهم.
    تحول بقايا الإباضيين نحو الجنوب الجزائري، واستقروا في منطقة وادي ميزاب،
    من أهم مدنهم اليوم غرداية.

    الدولة الأدريسية:

    الأصل: أولى السلالات الإسلامية المستقلة في المغرب 788-974 م.
    المقر: وليلى: 788-807 م، فاس: منذ 807 م.
    مؤسس السلالة إدريس بن عبد الله الكامل (788-793 م) من أحفاد الرسول محمد
    (ص)، نجا بنفسه من مذبحة فخ، التي أقامها العباسيون للعلويين سنة 786 م.
    فر إلى وليلى (بالمغرب). تمت مبايعته قائدا و أميرا و إماما من طرف قبائل
    البربر في المنطقة. و سع حدود مملكته حتى بلغ تلمسان (789 م). قام الخليفة
    العباسي هارون الرشيد بتدبير اغتياله سنة 793 م. لإدريس الأول (مولاي
    إدريس في المغرب) مكانة كبيرة بين المغربيين. و يعتبر قبره في وليلى
    (مولاي إدريس اليوم) مزارا مشهورا. قام ابنه إدريس الثاني (793-828 م) - و
    الذي تولى الإمامة منذ 804 م- بجلب العديد من الحرفيين من الأندلس و تونس،
    ثم شرع في بناء فاس و جعلها عاصمة الدولة، كما قام بتدعيم وطائد الدولة.
    قام ابنه محمد (828-836 م) عام 836 م بتقسيم المملكة بين إخوته الثمانية
    (أو أكثر). كانت لهذه الحركة تأثير سلبي على وحدة البلاد. بدأت بعدها
    مرحلة الحروب الداخلية بين الإخوة. منذ 932 م وقع الأدارسة تحت سلطة
    الأمويين حكام الأندلس والذين قاموا لمرات عدة بشن حملات في المغرب لإبعاد
    الأدارسة عن السلطة. بعد معارك و مفاوضات شاقة تمكنت جيوش الأمويين من
    القبض على آخر الأدارسة (الحسن الحجام) والذي استطاع لبعض الوقت من أن
    يستولى على منطقة الريف و شمال المغرب، تقبض عليه سنة 974 م، ثم اقتياده
    أسيرا إلى قرطبة. توفي هناك سنة 985 م.
    تفرعت عن الأدارسة سلالات عديدة حكمت بلدان إسلامية عدة. أولها كان بنو
    حمود العلويين الذين حكموا في الجزيرة ومالقة (الأندلس). كما تولوا لبعض
    الوقت أمور الخلافة في قرطبة. فرع آخر من الأدارسة حكم جزءا من منطقة عسير
    في السعودية بين سنوات 1830-1943 م. الأمير عبد القادر الجزائري و الذي
    حكم في الجزائر سنوات 1834-1847 م ينحدر من هذه الأسرة أيضا. آخر فروعهم
    كان السنوسيين حكام ليبيا و الجبل الأخضر 1950-1969 م.
     
  10. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    الدولة الأغلبية:

    الأصل: بنو الأغلب: سلالة عربية حكمت في إفريقية( شرق الجزائر، تونس، غرب ليبيا ) مع جنوب ايطاليا و صقلية 800-909م.
    المقر: القيروان.
    كان مؤسس هذه السلالة واسمه الأغلب بن سالم بن عقال التميمي قائداً لجيش
    العباسيين، قبل أن يصبح ابنه إبراهيم ح(800-812م) والياُ على إفريقية من
    طرف هارون الرشيد ابتداء من سنة 787 م، ليستقل الأخير بالأمر سنة 800م بعد
    أن حول العباسيون اهتماههم إلى ناحية المشرق. عرفت دولة الأغالبة أثناء
    عهدها الأول عدة ثورات قاد أغلبها دعاة من بربر، ثم استقر أمر الدولة في
    عهد عبد الله بن إبراهيم (812-817 م) و زيادة الله بن إبراهيم (817-838م)
    و بلغت أوج قوتها. ابتداءا من سنة 827م شرع الأغالبة في غزو صقلية، ثم
    استولوا على مدينة باري -في إيطاليا- عام 841م، فاجتاحوا رومية (روما)
    ونهبوها عام 846 م -إلا أنهم انسحبوا بعد ذلك-، ثم غزوا مالطة (مالطا) عام
    868 م، و بلغت سطوة الأغالبة مبلغاً كانت معه كل الدول النصرانية على ساحل
    إيطالية تدفع لهم الجزية. داخلياً كان الأغالبة في صراع دائم مع الثورات
    ذات الطابع الديني -الخوارج- أو بدوافع من العصبية - البربر-. بدأت مرحلة
    الأفول أثناء عهد إبراهيم بن أحمد (875-902 م) و فيها تم فقدان بعض
    المناطق لصالح البيزنطيين -كالابرية-، فليبيا لصالح الطولونيين، ثم تمرد
    بعض القبائل على الحكم الأغلبي. انتهت دولتهم على أيدي الفاطميين سنة 909
    م.

    الدولة الفاطمية

    الأصل:الفاطميون او العبيديون: سلالة شيعية حكمت في تونس، مصر، الشام وعلى
    فترات في الجزائر، المغرب و الجزيرة العربية، سنوات 909-1171 م.
    المقر: القيروان: 909-920 م، المهدية: 820-973 م، القاهرة: منذ 973 م.
    يستمد الفاطميون لقبهم من فاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه و سلم)، كما
    يدعون انتسابهم لأهل البيت عن طريق الإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق،
    ومنه جاءت الطائفة الإسماعيلية. يرى أغلب المؤرخين اليوم أن نسبهم كان
    منحولاً. يفضل أغلب علماء السنة أن يطلقَ عليهم لقب "العبيديون" نسبة إلى
    جدهم عبيد الله.
    مؤسس السلالة عبيد الله المهدي (909-934 م) اعتمد في دعوته الجديدة على
    أبو عبد الله الشيعي، كان يدعي أنه المهدي المنتظر. نجح صاحب دعوته في
    القضاء على دولة الأغالبة و حمله إلى السلطة. استولى الفاطميون على تونس،
    ليبيا و شرق الجزائر ثم صقلية والتي بقيت في حكمهم حتى 1061 م. سنة 969 م
    يستولى المعز (953-975 م) على مصر ويقرر بناء عاصمة جديدة لدولته:
    القاهرة. دخل الفاطميون في صراع مع العباسيين للسيطرة على الشام. كما
    تنازعوا السيطرة على شمال إفريقية مع الأمويين حكام الأندلس. تمكنوا من
    إخضاع الحجاز و الحرمين مابين سنوات 965-1070 م. ازدهرت التجارة و نما
    اقتصاد البلاد و نشطت حركة العمران أثناء عهد العزيز (965-996 م) ثم
    الحاكم (996-1021 م) والذي كان متهورا و متطرفا في أفكاره إلى أقصى حد،
    عرفت البلاد في عهده اضطرابات كثيرة. بعد مماته انشقت عن الإسماعيلية
    طائفة من الشيعة عرفت باسم الدروز. بعد حكم المستنصر (1036-1094 م) الطويل
    انشق الإسماعيليون مرة أخرى إلى طائفتين النزارية و المستعلية. تولى الحكم
    من بعده خلفاء أطفال. مع حكم الحافظ (1131-1149 م) تقلصت حدود الدولة إلى
    مصر فقط. آخر الخلفاء وقع تحت سيطرة القادة العسكريين الأيوبيين. قام صلاح
    الدين الأيوبي و الذي تولى الوزارة منذ 1169 م، بالقضاء على الدولة
    الفاطمية نهائيا سنة 1171 م. تحولت مصر بعدها إلى المذهب السني.

    الدولتين الزيرية والحمادية:

    الأصل:الحماديون، بنو حماد،الصنهاجيون: سلالة بربرية حكمت في الجزائر، مابين 1007/15-1152 م.
    المقر: القلعة: 1015-1090 م، بجاية: منذ 1090 م. الحماديون فرع من
    الزيريين حكام إفريقية. أسس دولتهم حماد بن بلكين (1007-1028 م) تولى عمل
    آشير (في الجزائر) من قبل بنو أعمامه الزيريين حكام تونس. بنى مقره القلعة
    عام 1007 م ثم أعلن الدعوة العباسية سنة 1015 م واستقل بالحكم. إلا أنه لم
    يتم الاعتراف بدولته إلا بعد حروب كثيرة خاضها ابنه القايد (1028-1054 م)
    مع الزيريين. اعترف هؤلاء في النهاية باستقلال دولة الحماديين.
    في عهد بلكين (1055-1062 م) توسعت الدولة إلى حدود المغرب (مع دخول فاس)،
    ثم في عهد الناصر (1062-1088 م) بلغت تونس والقيروان، كما امتدت أطراف
    الدولة جنوبا في الصحراء. قاد هؤلاء الأمراء حركة عمرانية كبيرة كما بلغت
    الدولة في عهدهما منذ سنة أوجها الثقافي. منذ 1104 م و مع دخول أعراب بنو
    هلال (مع سليم ورباح) المنطقة، وتزايد ضغطهم على الدولة الحمادية، انحسرت
    رقعة الدولة إلى المنطقة الساحلية. سقط آخر الحماديين يحيى (1121-1151 م)
    بعد دخول الموحدين بجاية سنة 1152 م.
     
  11. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    الجــزائر في ظل الحكـــم العثمـــاني (1518م-1830)

    اجتذب الصراع بين الإسلام والنصرانية (الأسبانية خصوصًا) في الحوض الغربي
    للبحر المتوسط في أوائل القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) عددًا
    كبيرًا من البحارة المغامرين، الذي نشأوا في خدمة الأسطول العثماني، ثم
    راحوا يكوّنون أساطيل صغيرة تعمل لحسابهم الخاص وتجاهد ضد أعداء الدين.
    ومن هؤلاء الأخوان عروج وخير الدين الذي عُرِف ببربروسة، أي (ذي اللحية
    الحمراء). فقد بدأ الأول نشاطه في غربي البحر المتوسط حوالي سنة 916هـ،
    1510م، وفتح له الأمير الحفصي موانئ إفريقية. ولما سمع أهل المغرب الأوسط
    بغاراته الناجحة على الأسبان استقدموه إلى بلادهم، ليساعدهم على استرداد
    بجاية أكبر موانئ شرق الجزائر آنذاك. ثم استدعاه حاكم ميناء الجزائر، فنجح
    مع قوة عثمانية صغيرة في صد هجوم أسباني عن المدينة سنة 922هـ، 1517م.
    وحين خان بعض أهل تلمسان عروجًا اضطر للفرار فتتبعته القوات الأسبانية
    وقتلته وهو في طريقه إلى الجزائر. تحرّج موقف خير الدين بالجزائر، فاستعان
    بالسلطان العثماني سليم سنة 924هـ، 1518م. فأرسل له السلطان ألفي إنكشاري
    وسمح لرعاياه بالتطوع في جيش المغرب، ودخلت الجزائر ضمن الولايات
    العثمانية. لكن كان على خير الدين أن يجاهد في جبهتين إحداهما ضد دول
    أوروبا وأسبانيا بخاصة، والأخرى توحيد البلاد في قوة إسلامية تواجه خصومه
    في المتوسط، فنجح في صراعه مع أوروبا وإلى قدر كبير في طرد الأسبان من
    الموانئ التي كانوا يحتلونها على سواحل المغرب الأوسط، باستثناء وهران
    التي ظلت تحت السيطرة الأسبانية حتى القرن الثامن عشر. وقد واجه في سبيل
    ذلك مؤامرات الحفصيين بإفريقية وبني زيان وغيرهم من القوى المحلية. لكن
    نجاحه سنة 936هـ، 1529م في القضاء على حصن البينون الأسباني، كان بداية
    حقيقية لتأسيس ولاية الجزائر وتحول ميناء الجزائر إلى عاصمة للمغرب الأوسط.
    وأصبحت الجزائر عاصمة للولايات العثمانية في شمالي إفريقيا، بعد انضواء كل
    من تونس وطرابلس الغرب تحت لواء السلطنة العثمانية. فكان ممثل الدولة فيها
    يحمل لقب بيلرباي أي (رئيس البايات)، لكن هذا الإشراف لم يدم طويلاً. على
    أن تبعية ولاية الجزائر وغيرها من ولايات لم يقف عند حد الإدارة المحلية،
    بل تجاوز ذلك إلى التحكم في اختيار الولاة. فقد شهدت الجزائر تغيرات عدة
    في نظام الحكم، بحيث يمكن تمييز أربع مراحل هي: عهد النيابة (922 ـ 977هـ،
    1516 ـ 1588م) حكم فيه البيلربايات فسيطروا على جند الإنكشارية والبحرية،
    عهد الباشوات (997 ـ 1070هـ، 1588 ـ 1659م) أصبحت فيه الجزائر ولاية
    عادية، وفقد الباشوات السيطرة على الإنكشارية، فانتقلت السلطة الفعلية
    إليهم في عهد حكم الأوجاق وهو المجلس الأعلى للجند (1070 ـ 1082هـ، 1659 ـ
    1672م)، وقد انتشرت الفوضى مما جعل رؤساء البحر يضعون حدًا لسيطرة
    الإنكشارية فبدأ عهد الدايات (1082 ـ 1246هـ، 1672 ـ 1830م). وقد كانت
    الخلافة العثمانية تصادق على جميع هذه التغييرات، وظلت مستمرة على إرسال
    الباشوات الذين يمثلونها في الجزائر، حتى قرر علي داي سنة 1122هـ، 1710م
    إخراج الباشا من البلاد، ومنذ ذلك الوقت حمل الدايات لقب الباشا مع لقب
    الداي.
    لم يقم نظام الحكم المحلي بالجزائر العثمانية على إدارة مباشرة، فاعتمد
    خارج المدن على تحالفات مع القبائل. وتركت الإدارة المركزية بعض التكتلات
    القبلية القوية دون التدخل في شؤونها، مكتفية بتلقي إتاوة غير منتظمة من
    بعضها. كما اشتهرت بعض القبائل بالتخصص في الخدمة العسكرية لدى العثمانيين
    مثل قبيلة زواوة. وظهرت طبقة خاصة من الجند العثمانيين تُعرف بالكورغلي،
    ناتجة عن زواج جند الأتراك من نساء محليات، عهد لها بالمحافظة على الأمن
    في الأقاليم. ولما استقر نظام الدايات تكون في مدينة الجزائر ديوان شبيه
    بمجلس الوزراء. وكان الداي يتخذ مقره في أعلى مدينة الجزائر بضاحية تُعرف
    بالجنينة، إلى أن انتقل عمر باشا سنة 1815م إلى القصبة في أسفل المدينة
    على البحر ليكون في مأمن من الاضطرابات. وقد تجمعت لدى الدايات ثروة ضخمة
    من الهدايا التي كان يقدمها قناصل الدول الأجنبية، ومن نصيبهم من غنائم
    البحر، ومما يتلقونه من إتاوات لقاء تعيين حكام الأقاليم والنواحي.
    وازدهرت مدينة الجزائر وخاصة في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين
    (القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين)، وبلغ سكانها حوالي مائة ألف
    نسمة. ولكن شأنها أخذ يتضاءل خلال القرن الثاني عشرالهجري (القرن الثامن
    عشر الميلادي)، حتى وصل عدد سكانها إلى ثلاثين ألفًا سنة 1246هـ، 1830م
    عندما احتلها الفرنسيون. كانت علاقات الجزائر مع أوروبا سيئة في معظم
    فترات حكم الدولة العثمانية، وذلك بسبب الروح
     
  12. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    لصليبية التي تزعمتها أسبانيا وحركة الجهاد في البحر التي تزعمتها
    الجزائر، وهي ما ينعتها الأوروبيون بالقرصنة ظلمًا وقد هيأ موقع الجزائر
    وطول سواحلها لحكومتها تفوق بحري تجلّى خلال القرنين العاشر والحادي عشر
    الهجريين (القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين) في امتلاكها
    أسطولاً ضخمًا من أحدث أساطيل العالم وأقواها، تجاوز نشاطه البحر المتوسط
    إلى بحار الشمال، وكان يدر أرباحًا طائلة على المساهمين فيه بسبب ما يأتي
    به من غنائم وأسرى، حتى عدت مسألة استرقاق الأسرى وافتدائهم من أهم
    المسائل التي شغلت العلاقات بين الجزائر وأوروبا. وأذل أسطول الجزائر
    كثيرًا من الدول الأوروبية وأجبرها على دفع إتاوات وهدايا لحكامها نظير
    تأمين ملاحتها في المتوسط، ولا تكاد تخرج دولة منها عن هذا الالتزام.
    واستمرت بعض الدول تدفع ما عليها من إتاوات بصورة منتظمة حتى تدهورت قوة
    الجزائر البحرية قبيل الغزو الفرنسي، أما فرنسا فقد كفت عن تقديم الهدايا
    منذ عهد نابليون. ورغم ما بدا على تلك القوة البحرية من علامات الضعف منذ
    مطلع القرن الثاني عشر الهجري (نهاية القرن السابع عشر الميلادي)، فإن
    الدايات لم يكفوا عن العمل من أجل تخليص البلاد من الاحتلال الأسباني. لكن
    ذلك لم يتحقق نهائيًا إلا على يد الداي محمد باشا (1183- 1203هـ، 1769-
    1788م) الذي اشتهر بجهاده البحري ضد الأسبان، وقد تكلل جهاده بخيبة ملك
    أسبانيا شارل الثالث في ثلاث حملات بحرية متتالية شنها على الجزائر في عهد
    ذلك الداي بين سنتي 1189- 1200هـ، 1775- 1785م، وبتسليم ميناء وهران إلى
    حسان داي سنة 1206هـ، 1791م.

    الاستعمار الفرنسي للجزائر(1830-1962)

    الجزائر غداة الاحتلال

    كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول فى حوض البحر الأبيض
    المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة فى دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع
    باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل
    وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789 م وبالثورة
    الامريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الإسم الحقيقي
    للدولة الـجـزائـريـة هو "أيـالـة الجــزائر" وأحيانا إسم " جمهورية
    الجزائر" أو " مملكة الجزائر"، وبهذه الأسماء أبرمت عشرات المعاهدات مع
    دول العالم.
    كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر
    إحداث نظام للملاحة فى المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة
    العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية فى هذا البحر، وهو ما
    جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى
    بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم
    ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري
    الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من
    أجله ضمـــن "الخلافة العثمانية " وتحت حمايتها.
    اتفقت الدول الأوربية في مؤتمر فيينا على تحطيم أيالة الجزائر
    لقد بادرت فرنسا فى "مؤتمر فيينا "1814/ 1815 م بطرح موضوع " أيالة
    الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر " إكس لا شابيل
    " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على " دولة
    الجزائر" و أسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا ، و توفرت الظروف المناسبة
    للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة "
    نافران" Navarin سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت
    السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط
     
  13. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    عملية الغزو

    لقد كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر.
    فقد أدعى قنصل فرنسا أن الداي حسين ضربه بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام
    بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التى قدمت
    لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت
    فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ20 مليون فرنك ذهبي فى ذلك الوقت.
    فقرر الملك الفرنسي شارل العاشر إرسال أسطولا بحريا مبررا عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا و الانتقام من الداي حسين .
    إن الدوافع الحقيقية للإحتلال كانت غير ذلك، فبالإضافة إلى الصراع الديني
    القديم بين المسيحية و الإسلام كان يسعى الاحتلال إلى الرفع من شعبية
    الملك شارل العاشر المنحطة و السطو على خيرات الجزائر و التهرب من دفع
    الديون. وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 جانفي 1830م، حيث
    قام الملك الفرنسي بتعيين كل من الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة
    والأميرال دوبري (Duperré) قائدا للأسطول، وفي ماي 1830م حررت الحكومة
    الفرنسية وثيقـتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية،
    والثانية للشعب الجزائري، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين
    وتحرير الجزائريين من سيطرتهم.
    وفي 25 ماي 1830م إنطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية من ميناء
    طولون (Toulon)، وقد وضعت خطة الحملة وفق ما رسمه المهندس العسكري الخبير
    بوتان (Boutin) الذي جاء إلى الجزائر سنة 1808م للتجسس عليها بطلب من
    الإمبراطور نابليون بونابرت
    كان تعداد الحملة حوالي 37.000 رجل موزعين على 3 فرق وعلى رأس كل واحدة
    منها جنرالا، تحملهم 675 سفينة عليها 112 مدفعا ووصلت الحملة إلى شاطئ
    سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم
    الموالي.

    المقاومة الجزائـريـة

    بـدايـة المقاومة الجزائـريـة

    قام ديوان الداي بقيادة حسين باشا بوضع خطة المواجهة على أساس أن يكون خط
    الدفاع الأول في قرية اسطاوالي لعرقلة عملية تقدم القوات الفرنسية نحو هذه
    القرية التي لم تستطع الوصول إليها إلا في 19 جوان، وفي اسطاوالي تمت أول
    مواجهة حقيقية بين الطرفين . و كان لأنهزام الجيش الجزائري انعكاسات سلبية
    وخطيرة على معنويات الجيش مما دفع بالداي حسين إلى استدعاء المفتي محمد بن
    العنابي ليطلب منه جمع الشعب وإقناع الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد، ونصب
    باي التيطري قائدا على الجيش إلا أن كل ذلك كان بدون جدوى
    الإنهزام في معركة أسطوالي فتح الباب واسعا أمام إحتلال مدينة الجزائر
    فقد تمكنت القوات الفرنسية من الوصول إلى مدينة الجزائر وإرغام الداي حسين
    على توقيع معاهدة الاستسلام في 5 جويلية والتي تنص على تسليم مدينة
    الجزائر وتعهد الطرف الفرنسي بالحفاظ على حرية الدين الإسلامي وعلى أملاك
    الأهالي وتجارتهم وصناعتهم واحترام نسائهم وحرماتهم.
    وأمام حالة شعور السلطة عقدت مجموعة من رؤساء القبائل والأعراش الجزائرية
    منها بني خليل والخشنة وفليسة مؤتمرا لها في "تامنفوست" يوم 23 جويلية
    1830م، وقررت فيه عدم الاستسلام للفرنسيين ونتيجة لذلك ظهرت مجموعة من
    المقاومين الذين أبلوا البلاء الحسن مثل ابن زعمون من قبيلة فليسة والحاج
    سيدي سعدي من مدينة الجزائر ومحي الدين بن مبارك من القليعة.
    ومع ذلك شرعت فرنسا في توجيه فرقها العسكرية للسيطرة على مناطق أخرى بل
    وفي توجيه حملات بحرية إلى عنابة ووهران وبجاية وغيرها وكانت شدة المقاومة
    سببا في انسحاب القوات الفرنسية عدة مرات من هذه المناطق. كما أن فرنسا
    تجاهلت تجاهلا تاما ما تم التوقيع عليه في معاهدة 5 جويلية 1830م.
    المقاومة المنظمة في الغرب الجزائري بقيادة الامير عبدالقادر
    يعتبر الأمير عبد القادر أحد رموز المقاومة الجزائرية للاستعمار حيث قضى
    15 سنة من عمره في محاربة الاستعمار محاولا في نفس الوقت إعادة بناء
    الدولة جزائرية على أسس جديدة.
    لقد كان لسقوط مدينة الجزائر أثر كبير مما حدا بالمواطنين إلى تفويض أمر
    قيادتهم في المنطقة الغربية إلى أحد زعمائهم وهو شيخ زاوية القيطنة
    التابعة للطريقة القادرية، وهو محي الدين بن مصطفى الهاشمي، وهذا بعد أن
    قامت فرنسا بتعيين باي موال لها على وهران، ولقد تمكن الشيخ محي الدين من
    مضايقة العدو في وهران، وهنا ظهرت قوة شخصية ابنه "عبد القادر" الذي بويع
    أميرا بدلا من أبيه محي الدين الذي اعتذر عن قيادة المقاومة لكبر سنه،
    وتمت المبايعة في 27 نوفمبر 1832
     
  14. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    عملية الغزو

    لقد كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر.
    فقد أدعى قنصل فرنسا أن الداي حسين ضربه بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام
    بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التى قدمت
    لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت
    فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ20 مليون فرنك ذهبي فى ذلك الوقت.
    فقرر الملك الفرنسي شارل العاشر إرسال أسطولا بحريا مبررا عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا و الانتقام من الداي حسين .
    إن الدوافع الحقيقية للإحتلال كانت غير ذلك، فبالإضافة إلى الصراع الديني
    القديم بين المسيحية و الإسلام كان يسعى الاحتلال إلى الرفع من شعبية
    الملك شارل العاشر المنحطة و السطو على خيرات الجزائر و التهرب من دفع
    الديون. وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 جانفي 1830م، حيث
    قام الملك الفرنسي بتعيين كل من الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة
    والأميرال دوبري (Duperré) قائدا للأسطول، وفي ماي 1830م حررت الحكومة
    الفرنسية وثيقـتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية،
    والثانية للشعب الجزائري، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين
    وتحرير الجزائريين من سيطرتهم.
    وفي 25 ماي 1830م إنطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية من ميناء
    طولون (Toulon)، وقد وضعت خطة الحملة وفق ما رسمه المهندس العسكري الخبير
    بوتان (Boutin) الذي جاء إلى الجزائر سنة 1808م للتجسس عليها بطلب من
    الإمبراطور نابليون بونابرت
    كان تعداد الحملة حوالي 37.000 رجل موزعين على 3 فرق وعلى رأس كل واحدة
    منها جنرالا، تحملهم 675 سفينة عليها 112 مدفعا ووصلت الحملة إلى شاطئ
    سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم
    الموالي.

    المقاومة الجزائـريـة

    بـدايـة المقاومة الجزائـريـة

    قام ديوان الداي بقيادة حسين باشا بوضع خطة المواجهة على أساس أن يكون خط
    الدفاع الأول في قرية اسطاوالي لعرقلة عملية تقدم القوات الفرنسية نحو هذه
    القرية التي لم تستطع الوصول إليها إلا في 19 جوان، وفي اسطاوالي تمت أول
    مواجهة حقيقية بين الطرفين . و كان لأنهزام الجيش الجزائري انعكاسات سلبية
    وخطيرة على معنويات الجيش مما دفع بالداي حسين إلى استدعاء المفتي محمد بن
    العنابي ليطلب منه جمع الشعب وإقناع الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد، ونصب
    باي التيطري قائدا على الجيش إلا أن كل ذلك كان بدون جدوى
    الإنهزام في معركة أسطوالي فتح الباب واسعا أمام إحتلال مدينة الجزائر
    فقد تمكنت القوات الفرنسية من الوصول إلى مدينة الجزائر وإرغام الداي حسين
    على توقيع معاهدة الاستسلام في 5 جويلية والتي تنص على تسليم مدينة
    الجزائر وتعهد الطرف الفرنسي بالحفاظ على حرية الدين الإسلامي وعلى أملاك
    الأهالي وتجارتهم وصناعتهم واحترام نسائهم وحرماتهم.
    وأمام حالة شعور السلطة عقدت مجموعة من رؤساء القبائل والأعراش الجزائرية
    منها بني خليل والخشنة وفليسة مؤتمرا لها في "تامنفوست" يوم 23 جويلية
    1830م، وقررت فيه عدم الاستسلام للفرنسيين ونتيجة لذلك ظهرت مجموعة من
    المقاومين الذين أبلوا البلاء الحسن مثل ابن زعمون من قبيلة فليسة والحاج
    سيدي سعدي من مدينة الجزائر ومحي الدين بن مبارك من القليعة.
    ومع ذلك شرعت فرنسا في توجيه فرقها العسكرية للسيطرة على مناطق أخرى بل
    وفي توجيه حملات بحرية إلى عنابة ووهران وبجاية وغيرها وكانت شدة المقاومة
    سببا في انسحاب القوات الفرنسية عدة مرات من هذه المناطق. كما أن فرنسا
    تجاهلت تجاهلا تاما ما تم التوقيع عليه في معاهدة 5 جويلية 1830م.
    المقاومة المنظمة في الغرب الجزائري بقيادة الامير عبدالقادر
    يعتبر الأمير عبد القادر أحد رموز المقاومة الجزائرية للاستعمار حيث قضى
    15 سنة من عمره في محاربة الاستعمار محاولا في نفس الوقت إعادة بناء
    الدولة جزائرية على أسس جديدة.
    لقد كان لسقوط مدينة الجزائر أثر كبير مما حدا بالمواطنين إلى تفويض أمر
    قيادتهم في المنطقة الغربية إلى أحد زعمائهم وهو شيخ زاوية القيطنة
    التابعة للطريقة القادرية، وهو محي الدين بن مصطفى الهاشمي، وهذا بعد أن
    قامت فرنسا بتعيين باي موال لها على وهران، ولقد تمكن الشيخ محي الدين من
    مضايقة العدو في وهران، وهنا ظهرت قوة شخصية ابنه "عبد القادر" الذي بويع
    أميرا بدلا من أبيه محي الدين الذي اعتذر عن قيادة المقاومة لكبر سنه،
    وتمت المبايعة في 27 نوفمبر 1832
     
  15. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    فشرع الأمير عبد القادر في بعث الدولة الجزائرية من جديد ولكن على أسس
    حديثة وعصرية ليقينه بأن تحرير البلاد يتحقق تحت راية النظام المحكم فقط،
    فقسم دولته إلى ثماني مناطق إدارية على أساس اللامركزية الإدارية، واضعا
    على رأس كل منطقة خليفة، يعملون جميعا من أجل تحقيق الوحدة الوطنية
    والعدالة وفق الشريعة الإسلامية، أما الجيش فقد كان متكون من جيش نظامي و
    متطوعين ، فيما يخصص الجيش النظامي فقد كانت الدولة تصرف عليه ، و أستفاد
    من خبرة المرتزقة و الفارين من الجيش الفرنسي في التنظيم و التخطيط و
    التسليح و التدريب و حاول الاعتماد على الذات لتسليح الجيش فبنى مصانع
    الأسلحة و الذخيرة . لقد أثبت الأمير عبد القادر رغم صغر سنه حنكة وكفاءة
    في تسيير الأمور وقيادة المعارك مما مكنه من الانتصار في العديد من
    المواجهات التي دارت بينه وبين قادة الجيش الفرنسي، اتبع الأمير في بداية
    مقاومته أسلوب الحرب النظامية ذلك أن العدو كان يتمركز في المدن فعمل
    الأمير على تحريرها، بل وأجبر السلطات الفرنسية في الجزائر على الاعتراف
    به في معاهدتين مختلفتين وذلك عندما اعترفت له بحق تعيين ممثلين عنه لدى
    هذه السلطات، وذلك في معاهدة دي ميشال في فيفري 1834م أولا. وفي معاهدة
    التافنا ثانيا. المتطوعين، ومن تلك العناصر تمكن الأمير من توسيع نفوذ
    دولته في العديد من مناطق الوسط، ووصلت قواته إلى غاية مليانة والمدية
    ووادي سباو، ومن أبرز الانتصارات التي حققها الأمير على القوات الفرنسية
    عندما كان ينتهج أسلوب الحرب النظامية ذلك الذي حققه في المقطع بتاريخ 28
    جوان 1835م.
    وبعد تمكن القوات الفرنسية من تخريب عاصمة الأمير "معسكر"واحتلال تلمسان
    غير الأمير أسلوبه في المقاومة إذ شرع في انتهاج أسلوب الحرب الخاطفة فحقق
    انتصارات كثيرة من أبرزها معركة التافنا في رشقون يوم 25 أفريل 1836م،
    وبمسعى من الجنرال بيجو وقع الأمير عبد القادر على معاهدة التافنا يوم 20
    ماي 1837م والتي استطاع بفضلها توسيع قواعده
    بعد تخريب عاصمة الأمير معسكر لجأ الأمير إلى تكوين عاصمة متنقلة سميت
    بالزمالة. في 1843 تسقط العاصمة المتنقلة للأمير (الزمالة) في يد الاحتلال
    الفرنسي. فكان لذلك وقع سلبي كبير على معنويات جيش الأمير
    ومع استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وضخامة
    المعارك التي خاضها الأمير عبد القادر بدأ الوهن يدب في صفوف القوات
    الجزائرية بحيث لم يجد مفرا من وضع حد لمقاومته، يوم 23 ديسمبر 1847م.
    المقاومة المنظمة في الغرب الجزائري بقيادة أحمد باي
    وإلى جانب مقاومة الأمير عبد القادر في الغرب و وسط الجزائر ، كانت هناك
    مقاومة أخرى متزامنة معها في الشرق بقيادة الحاج أحمد باي قسنطينة الذي
    كان في مدينة الجزائر عندما دخل الفرنسيون إلى سيدي فرج، وشارك في الدفاع
    إلى أن وصلت القوات الفرنسية إلى منطقة الحراش، واقترح على الداي حسين خطة
    لمواجهة العدو وتتمثل في الانسحاب إلى منطقة شرشال وترك القوات الغازية
    تنزل على الشواطئ وتبدأ زحفها نحو العاصمة المحصنة ثم بعد ذلك تقوم القوات
    الجزائرية بالهجوم عليها إلا أن الداي رفض هذه الخطة مما دفع بالباي أحمد
    إلى الإنسحاب ليستعد للمواجهة في الشرق ركز أحمد باي على تحصين أسوار
    مدينة قسنطينة الأمر الذي جعل القوات الفرنسية تقوم بعملية تطويقه ب إرسال
    حملتين إلى بجاية وعنابة، ولم تبدأ في مواجهة الحاج أحمد باي مباشرة إلا
    في شتاء 1836م حيث تحركت القوات الفرنسية نحو مدينة قسنطينة إنطلاقا من
    مركز الذَرعان قرب عنابة ولقد عززت هذه القوات بقوات من العاصمة لأحكام
    الطوق على الجيش الجزائري في مدينة قسنطينة.
    قسم أحمد باي جيشه إلى قسمين أساسيين الأول يتكون من 2000 مقاتل معززين بالمدافع
    الميدانية للدفاع عن المدينة تحت قيادة "قائد الدار بن عيسى"، والقسم
    الثاني بقيادته الشخصية خرج لمقارعة العـدو بـين عـنابـة وقسنطينة، وبفعل
    ذلك تمكن الجيش الجزائري من فصل مؤخرة الجيش الفرنسي عن بقية الجـيـش
    الـذي كان يتحرك نحو قالمة لجعلها كقاعدة لتنظيم الهجوم على قسنطينة.
    وما إن بدأت المعركة أمام أسوار قسنطينة حتى صار الجيش الفرنسي في وضعية
    جد سيئة وازداد الوضع سوءا بخروج قوات بن عيسى من المدينة الأمر الذي وضع
    القوات الفرنسية بين فكي كماشة الفك الأول تشكله قوات أحمد باي والفك
    الثاني تشكله قوات المهاجمين مع ابن عيسى ومدفعية المدينة الأمر الذي أدى
    إلى فشل هذه الحملة
     
  16. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    على إثر ذلك شرع الفرنسيون في الإعداد لحملة عسكرية ثانية. وبالفعل تمت
    هذه الحملةفي شهر سبتمبر 1837م بمشاركة أكثر من ست جنرالات، لعبت فيها
    المدفعية دورا هاما، إذ أدرك الفرنسيون أن الدخول إلى المدينة لن يتحقق عن
    طريق إستسلامها وذلك بإحداث ثغرات في أسوارها والتسلل منها إلى الداخل،
    وبذلك سقطت مدينة قسنطينة بيد أن مقاومة أحمد باي لم تنته بسقوط المدينة
    بل تواصلت إلى غاية سنة 1848م بعد أن توجه إلى منطقة الأوراس، حيث ألقي
    عليه القبض واقـتيد إلى مدينة قسنطينة وسجن في قصره، ونقل بعد ذلك إلى
    العاصمة حيث توفي أسيرا في أوت 1850م

    ثورات لا تنقطع

    و تواصلت المقاومات الجزائرية للاحتلال الفرنسي إلى غاية الحرب العالمية
    الأولى، إذ كانت آخرها تلك التي نشبت في الهقار عام 1917م، وهذا بعد أن
    عرفت جهات مختلفة من الوطن العديد من المقاومات الشعبية التي تبرز لنا مدى
    الرفض الجزائري للاستعمــار الــفرنسي وسياسته.
    كانت الجمعيات الدينية بصفة عامة وراء القيام بثورات كانت عادة تحت قيادة مرابط يجمع إليه القوة الروحية و
    الدينية و السياسية، و كانت عادة شخصيته محترمة و كلمته قانونا لأتباعه
    .فالأمير عبد القادر كان على رأس إحداها، و كذلك بومعزة و بوبــغلة و
    بــوزيـان و غيرهم. و لكن الصراع مع العدو الفرنسي لم يكن فقط ذو بعد ديني
    ، فالجهاد ضد العدو المسيحي أمتزج بمحاولات لإعادة بناء الدولة الجزائرية
    كما رأينا ذلك مع الأمير عبد القادر.
    و قد لعبت السياسة الاستعمارية المتمثلة في الاستيلاء على الأراضي و ما
    ترتب عنها من إفقار و تجويع و إذلال و قهر دورا في اندلاع بعض الثورات و
    خاصة ثورة المقراني . و ما عدا محاولة الأمير عبد القادر لتنظيم جيش مستقر
    و محترف فإن قوات المقاومة كانت متكونة من الفلاحين المتطوعين. وقد
    استطاعت الجيوش الفرنسية القضاء على هذه الثورات نظرا لتنظيم جيوشها و
    سياسة الأرض المحروقة و وحشية الاضطهاد الذي كان منقطع النظير . إن غياب
    الدولة العصرية و المنظمة، وتأخر الوعي الوطني ، و ضعف التنظيم و التسلح
    لدى المقاومين الجزائريين بالإضافة إلى التشتت و الصراعات الداخلية و
    الفكر الإقطاعي و القبلي كانت كلها عوامل حاسمة في فشل هذه الانتفاضات.
    محمد بوعبد الله بومعزة أحد المرابطين الذين قادوا ثورة 1845 في الشلف و
    الونشريس و التيطري. لعبت لالة فاطمة نسومر دورا هاما في مقاومة منطقة
    القبائل ضد الغزو الفرنسي قاد على إثر مجاعة 1866 المقراني ثورة عمت بلاد
    القبائل و الشرق الجزائري و أستمرت بعد مقتله بقيادة بومزراق و السي عزي
     
  17. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    بعض أبرز المقاومات الشعبية 1830-1920

    مقاومة الزعاطشة(1848-1849. الجنوب الشرقي الزيبان). مقاومة منطقة القبائل
    الشيخ بوبغـلة ولالة فاطمة نسومر (1850-1857. منطقة القبائل الصغرى و
    الكبرى) مقاومة محمد بن عبد الله (1850-1861 الجنوب الشرقي) مقاومة
    الأوراس(1858ثم1872-1879 الأوراس) مقاومة الصادق بلحاج(1858 الزيبان
    بسكرة) مقاومة أولاد سيدي الشيخ(1864-1865 الجنوب الغربي – التيطري)
    مقاومة محمد بن تومي بوشوشة(1869-1873 ورقلة-غرداية - عين صالح) مقاومة
    المقراني و شيخ الحداد( 1871 منطقة القبائل و الشرق الجزائري) مقاومة
    الشيخ بوعمامة(1881-1904 الجنوب الغربي) مقاومة عين التركي(1901 مليانة -
    جبل زكار) مقاومة الاوراس(1912 باتنة – بلزمة)

    السياسة الفرنسية في الجزائر و الوا قع الاستعماري
    سوء التغذية و البطالة كانت قدر أغلبية الشعب الجزائري قبل 1954

    ساءت أحوال الشعب الجزائري كثيرا إبان فترة الاحتلال من جراء النهب المنظم
    وإرهاقه بالضرائب الكثيرة والغرامات المالية المختلفة، وسلب أراضيه
    الصالحة للزراعة، وطرده إلى المناطق القاحلة فصارت الجزائر تعيش مجاعة
    دائمة بعدما كانت تعد من أكبر الدول إنتاجا للحبوب في حوض البحر الأبيض
    المتوسط، ومن أخطر وأكبر هذه المجاعات تلك التي عاشها الشعب الجزائري في
    الفترة ما بين 1866م-1869م. وحتى يزيد الاستعمار الفرنسي في تقييد
    واضطهادالجزائريين وتفكيك و حدتهم الاجتماعية والاقتصادية سن سلسلة من
    القوانين التي تحقق له ذلك نذكر منها
    (المرسوم المشيخي- السيناتوس كونسولت) لسنة 1863م الذي يهدف إلى الإعتراف
    بالملكية الفردية للأراضي بالنسبة للجزائريين وكذلك القانون الخاص بمنح
    الجنسية الفرنسية للجزائريين الصادر في جويلية 1865م والذي ينص على إعتبار
    كل الجزائريين رعايا فرنسيين مع إحتفاظهم بأحوالهم الشخصية الإسلامية وعلى
    كل من يرغب في الحصول على المواطنة الفرنسية أن يتخلى عن أحواله الشخصية
    الإسلامية ويصبح خاضعا للقانون المدني الفرنسي. وكذلك هناك قانون الأهالي
    الصادر مباشرة بعد إخماد ثورة المقراني سنة 1871م. وكذلك قانون التجنيد
    الإجباري الصادر سنة 1912م الهادف إلى إقحام الجزائريين في حروب وسياسة
    فرنسا الإستعمارية مما دفع هذا بالعديد من الجزائريين إلى مغادرة وطنهم و
    الهجرة إلى الخارج
    من بين الاضطهادات المرعبة التي تلت الثورة (ثورة 1871) ما يلي:
    - مائة فرنك ضريبة حرب على كل بندقية محجوزة.
    - مصادرة 5 ملايين هكتار من الأرض التي يملكها الثوار.
    - وتأميم مليونين و 500 ألف هكتار أخرى .
    -إصدار قانون بالمسؤولية الجماعية على كل خسارة.
    -إعطاء حكام البلديات كل الصلاحيات لمواجهة الطوارى
    [/size]
     
  18. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    الحركة الوطنية

    بعد أن دب الوهن في المقاومات الشعبية المسلحة وتمكنت السلطات الاستعمارية
    من بسط سيطرتها على الجزائر بدأت في مطلع القرن العشرين مرحلة جديدة من
    النضال والمقاومة عرفت بمرحلة النضال السياسي وقد اتسمت في بدايتها بظهور
    نوع من المقاومة التي تعتمد على اللوائح والعرائض الإحتجاجية والصحافة
    لتصبح فيما بعد في شكل نوادي وجمعيات ثقافية وخيرية ورياضية.
    إن أهم ما يميز النضال السياسي في الجزائر منذ بدايته هو انقسام عناصره إلى تيارات متعددة و متباينة.
    وإضافة إلى حركة الشبان الجزائريين فإن الأمير خالد (1875م-1936م) يعد من
    أبرز الشخصيات الجزائرية التي قامت بدور هام في الميدان السياسي في هذه
    الفترة، حيث شارك في الانتخابات البلدية وأسس صحيفة " الإقدام " ودخل في
    صراع حاد مع حركة الدكتور بن تامي الاندماجية والذي كان إلى جانبه في
    تأسيس " لجنة الدفاع عن مصالح المسلمين " وعندما تأكدت السلطات الفرنسية
    من أنه قد يصبح زعيما وطنيا شددت عليه الخناق ثم نفته خارج الوطن.
    وأسس الدكتور بن تامي " جمعية النواب المسلمين الجزائريين " الاندماجية لكن هذه الجمعية لم تمكث طويلا حتى انقسمت على أسس جهوية:
    - اتحادية النواب المسلمين العامة .
    - اتحادية النواب القسنطينية .
    - اتحادية النواب المسلمين بوهران .
    و كان للمهاجرين الجزائريين في فرنسا دور كبير في تطور الوعي الوطني و
    الإجتماعي ، فقد بادروا بإنشاء حزب " نجم شمال افريقيا " سنة 1926 بباريس،
    وذلك بفضل الظروف التي كانوا يعيشون في ظلها والمتمثلة في وجود تنظيمات
    مختلفة وحياة نقابية نشيطة. إذ قام هؤلاء بالإنخراط في التـنـظيمات
    النقابية والسياسية التي يقترب برنامجها من طموحاتهم، وقام مصالي الحاج،
    بعد أن أصبح رئيسا لهذا الحزب، بعرض برنامجه في المؤتمر المناهض
    للإمبريالية المنعقد في بروكسل ببلجيكا في السنة نفسها وأهم محتوياته،
    الإستقلال الكامل للجزائر وإنشاء جيش وطني وبرلمان جزائري منتخب بواسطة
    الإقتراع العام. وجلاء الجيش الفرنسي من التراب الجزائري، لهذا قررت
    السلطات الفرنسية حل النجم سنة 1929م الأمر الذي دفعه إلى ممارسة نشاطاته
    في السرية تحت إسم " نجم شمال إفريقيا المجيد".
    يمثل مصالي الحاج أحد أقطاب التيارالوطني الشعبي الرديكالي الذي كان يطالب
    بالإستقلال التام عن فرنسا. و قد بدأ نضاله في فرنسا في ظل الحركة
    العمالية الفرنسية و لكن سرعان ماأنفصل عن الحزب الشيوعي لإعتبارات
    إيديولوجية وسياسية حيث كان من المدافعين عن مقومات الشخصية الوطنية و كان
    يرفض الخط السياسي الذي تبنته الحركة الشيوعية العالمية و المتمثل في
    إعطاء الأولوية للنضال ضد الفاشية والنازية و من أجل بناء مجتمع إشتراكي
    على حساب النضال من أجل القضاء على الاستعمار
     
  19. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    س النجم لنفسه جريدة " الأمة " سنة 1930م وقامت بنشر المذكرة التي
    أرسلها مصالي الحاج إلى عصبة الأمم والتي يكذب فيها الإدعاءات الفرنسية
    بأن الجزائر صارت فرنسية وإلى الأبد ومرة أخرى يتعرض الحزب للحل ويعاقب
    زعيمه بـ 6 سنوات حبسا لإعادة تشكيل منظمة محلولة ولكن الحزب واصل نشاطاته
    تحت إسم جديد هو "الإتحاد الوطني لمسلمي شمال إفريقيا".
    لقد كان النجم حزبا يضم كافة أقطار شمال افريقيا ويعمل على تحريرها بل
    واهتم أيضا بمشاكل العالم العربي والدليل على ذلك تلك المظاهرة الضخمة
    التي نظمها في باريس يوم 14 جويلية 1936م وحضرها أكثر من 40 ألف جزائري
    نادوا خلالها: " حرروا شمال إفريقيا، حرروا سوريا، حرروا العالم العربي"
    كما شارك الحزب مشاركة فعالة في المؤتمر الإسلامي الأوربي بجنيف.
    وقد تمكن نجم شمال إفريقيا من تسريب أفكاره إلى داخل الوطن بشكل واسع
    وكبير بعد إنعقاد المؤتمر الإسلامي الجزائري في جوان 1936م بمدينة
    الجزائر، وسبب إنعقاده يتمثل في أن بعض الحركات الجزائرية رأت بعد وصول
    الجبهة الشعبية إلى الحكم في فرنسا أن ظروفا جديدة أصبحت مواتية للمطالبة
    بالحقوق الوطنية خاصة عندما قدم مشروع بلوم فيوليت "Blum-Violette " الذي
    رفضه المعمرون بكل قوة فاضطرت الحكومة الفرنسية إلى سحبه. وقد شاركت عدة
    شخصيات جزائرية في هذا المؤتمر ومن بينها الدكتور محمد الصالح بن جلول
    والصيدلي فرحات عباس والشيخ عبد الحميد بن باديس، وقدموا في إطاره مجموعة
    من المطالب إلى الحكومة الفرنسية تتلخص في إلغاء جميع القوانين
    الاستثنائية، وإلحاق الجزائر بفرنسا إلحاقا إداريا لا قوميا مع توحيد
    الإدارة وفصل الدين عن الدولة وحرية تدريس اللغة العربية وحرية التعبير،
    والمساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية. تسارعت الأحداث بشكل
    كبير بعد سنة 1936م إذ قامت السلطات الفرنسية بحل نجم شمال إفريقيا مرة
    أخرى في 26 جانفي 1937م إلا أنه عاد إلى الظهور في 11 مارس 1937م تحت إسم
    جديد وهو "حزب الشعب الجزائري " كما صدم الإندماجيون الجزائريون بالتعنت
    الفرنسي فقام فرحات عباس بتأسيس حزب جديد أسماه " الإتحاد الشعبي
    الجزائري" سنة 1938م، وقام الدكتور محمد الصالح بن جلول بتأسيس "الإتحاد
    الفرنسي الإسلامي الجزائري " في العام نفسه. وفي 1939م إبان اندلاع الحرب
    العالمية الثانية تقرر السلطات الفرنسية تعليق كل الأنشطة السياسية
    والصحفية التي لا تعلن تأييدها لفرنسا لذلك توقفت جرائد الحركة الوطنية
    منها جريدة "البصائر" ومجلة "الشهاب" الناطقتان بإسم جمعية العلماء
    المسلمين الجزائريين. وجريدة "البرلمان" وجريدة "الشعب" الناطقة باسم حزب
    الشعب الجزائري. على إثر محاولات الإستعمار الفرنسي القضاء على مقومات
    الشخصية الوطنية و أمام ضعف الزوايا و تشجيع الإستعمار لممارسات و عقائد
    دينية تعطل من عملية تقدم الشعب الجزائري لجأ إبن باديس سإلى إنشاء جمعية
    العملاء المسلمين هدفها الحفاظ على الهوية الجزائرية و تصحيح المفاهيم
    الدينية و الرفع من مستوى الوعي
    ويساق الجزائريون في حرب لا تعنيهم ومرة أخرى يتساءل الوطنيون عن المخرج
    فيقدم فرحات عباس مذكرة للوالي العام الفرنسي يدعو السلطات الفرنسية إلى
    الاعتراف بالأمة الجزائرية التي يجب أن تتحرر كباقي أمم العالم. وفي 1943م
    تقدم عدد من الشخصيات الجزائرية ببيان فبراير 1943م وسلمت نسخا منه
    للحلفاء وكذلك للجنرال ديغول الذي عين الجنرال كاترو حاكما عاما للجزائر،
    وأهم ما جاء في هذا البيان إلغاء النظام الاستعماري فورا وإنشاء دولة
    جزائرية لها دستورها وبرلمانها وإشراك الجزائريين في تسيير شؤونهم وتحقيق
    الحريات العامة. يعتبر فرحات عباس أحد أقطاب النضال السياسي في الجزائر
    وقد كان يمثل النخبة المثقفة فكانت مواقفه مناهـضة للنظام الإستعماري و
    لكنها كانت أقل راديكالية من مواقف حزب الشعب حيث كان يطالب بإصلاحات
    سياسية و أقتصادية و يطمح لتكوين جمهورية جزائرية و لكن دون قطع الصلة
    بفرنسا
     
  20. أمة الرحمن الجزائرية

    أمة الرحمن الجزائرية طاقم الإدارة مشرف

    النضال بعد الحرب العالمية الثانية

    عندما وضعت الحرب العالمية أوزارها أعتقد الجزائريون كباقي شعوب العالم
    التي كانت خاضعة لأنظمة استعمارية استبدادية أن الوقت قد حان كي تعترف
    فرنسا باستقلال الجزائر خاصة و أن المئات من الجزائريون شاركوا في الحرب
    إلى جانب الحلفاء و عانوا الكثير من ويلات الحرب .
    و في اليوم الذي أعلن كتاريخ للاحتفال بنهاية الحرب أي في 8 ماي 1945 نظم
    كل من حزب الشعب و أحباب البيان مظاهرات سلمية فرفضت القوات الاستعمارية
    أن يحمل المتظاهرون لافتات تطالب بالاستقلال و تحولت المظاهرات السلمية
    إلى حمام من الدم و أنتفض الشعب في مناطق مختلفة من البلاد وقوبلت هذه
    الانتفاضة بقمع وحشي شاركت فيه قوات البوليس و ميليشيات الكولون و الجيش
    الفرنسي مستعملا أسلحته المختلفة. فقامت الطائرات بقصف بعض الدواوير و
    المشاتي كما شاركت البوارج البحرية في عمليات القمع حيث قصفت بعض المناطق
    في كل من بجاية و جيجل
    بعد هذه الأحداث انقسمت الحركة الوطنية إلى تيارين ، فخوفا من مجازر أخرى
    فضل التيار الأول الأساليب السلمية و النضال السياسي و فضل التيار الثاني
    التحضير للمواجهة المسلحة .
    فأنشأ فرحات عباس حزبا برنامجه يعتمد على البيان الذي قدم للحلفاء في 1944
    و المطالب بالحق في تقرير المصير و القضاء على النظام الاستعماري و
    المساواة بين المواطنين و بضمان الحريات الأساسية لكل الجزائريين مع
    البقاء ضمن اتحاد فيدرالي فرنسي .
    و كون مصالي الحاج حزبا جديدا خلفا لحزب الشعب هو حزب انتصار الحريات
    الديمقراطية و الذي كان يعتمد نفس البرنامج المطالب بالاستقلال التام عن
    فرنسا و الذي بصفة رسمية كان يعتمد أسلوب النضال السياسي .
    و لكن ضمن هذا التنظيم كون الحزب منظمة سرية شبه عسكرية سميت بالمنظمة
    الخاصة أوكلت لها مهمة التحضير للثورة بجمع و إشتراء الأسلحة و تدريب
    المقاتلين على استعمالها والتجسس على حركات البوليس و كان محمد بلوزداد
    أول مسؤول عنها.
    و قد اعتمدت فرنسا بعد مجازر سطيف قالمة وخراطة أسلوب المراوغة فأصدرت في
    1947 قانونا جديدا يسير الجزائر. يعترف بالمساواة في الحقوق والواجبات بين
    كل سكان الجزائر و ينشأ مجلسا وطنيا جزائري لكن في نفس الوقت ينشأ هيئتين
    انتخابيتين هيأة خاصة بالكولون و نخبة من المسلمين و هيأة ثانية خاصة
    بالأهالي و تنتخب كل هيأة 60 نائبا وبذلك يتساوى صوت المعمر مع 8 أصوات من
    الأهالي.
    ورغم هذا الإجحاف في التمثيل و السلطات المحدودة للمجلس الوطني الجزائري
    تفنن الكولون وعلى رأسهم الحاكم العام نجيلان في التزوير لمنع أنصار مصالي
    الحاج وفرحات عباس من الحصول على مقاعد في المجلس .
    لقد عاشت الحركة الوطنية في بدايةالخمسينات أزمة حادة نتيجة للتردد من جهة
    و رفض المستعمر تقديم أية تنازلات سياسية تعطي الأمل في حل سلمي للمعضلة
    الجزائرية .
    فبعد وفاة محمد بلوزداد و عملية السطو على بريد وهران أستطاع البوليس
    تفكيك المنظمة الخاصة ( و ذلك على إثر فشل عملية تأذيب مناضلين من
    المنظمة) و قام باعتقال عدد من مناضليها.
    و ظهرت صراعات حادة داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية بين أنصار مصالي
    الحاج من جهة و أعضاء اللجنة المركزية للحزب الذين كانوا يعارضون تسلط
    مصالي الحاج و تسييره اللاديمقراطي للحزب.
    أنتخب يوسف بن خدة أمينا عاما للحزب في 1953 و عارض مصالي قرارات المؤتمر
    مما خلق أزمة حادة و أنشقاقا كبيرا داخل حركة انتصار الحريات الديمقراطية
    في نفس الفترة تأزمت الأوضاع في تونس حيث أمام الانسداد السياسي و إلقاء
    القبض على بورقيبة و اغتيال فرحات حاشد حمل بعض مناضلي القضية الوطنية
    السلاح و لم تهدأ الأوضاع إلا في جويليا 1954 عندما قررت حكومة منداس
    فرانس منح الاستقلال الذاتي لتونس.
    وقد سادت الاضطرابات المغرب كذلك نتيجة حمل حزب الاستقلال مطلب إلغاء
    الحماية الفرنسية على المغرب ، فقد منع كل من حزب الاستقلال و الحزب
    الشيوعي من النشاط السياسي و نفي الملك محمد الخامس في 20 أوت 1953 نتيجة
    لمساندته لهذا المطلب و أنتفض الشارع في مدن كثيرة من المغرب .
    عرفت هذه فترة بداية الخمسينات انتشار واسع لفكرة التحرر وانحصار المد
    الاستعماري، فقد كان للثورة المصرية 23 جويلية 1952 وللحركات المسلحة في
    كل من تونس والمغرب و الفيتنام صدى كبيرا في نفوس المناضلين الجزائريين
    الذين تأكدوا من عدم جدوى النضال السياسي للقضاء على نظام إستعماري يحاول
    بكافة الوسائل إحكام قبضة الأقلية على ثروات و خيرات البلاد
    [/size]
     

مشاركة هذه الصفحة