سلسلة مقالات : إصلاح الأغلاط الشائعة في اللغة العربية (1)

الموضوع في 'لسان العرب' بواسطة ابوحفص تغنيف, بتاريخ ‏10 ديسمبر 2010.

  1. ابوحفص تغنيف

    ابوحفص تغنيف عضو وفيّ

    سلسلة مقالات : إصلاح الأغلاط الشائعة في اللغة العربية (1)
    الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبيه الأميّ الأمين و على آله و صحبه أجمعين و بعد :

    فقد وقفت على مقالات لعلاّمة الأدب و اللغة علي الجارم رحمه الله في بيان الأغلاط الشائعة في اللغة العربية ضمن كتاب ( جارميات) جمع الدكتور أحمد علي الجارم , في غاية الإتقان و الفائدة فأحببت أن أنشرها لإخواني رجاء الأجر و المثوبة , فإليكم المقالة الأولى و الله وليّ التوفيق .


    إصلاح الأغلاط الشائعة في اللغة العربية (1) (*)

    لقد نهضت لغة القرآن الكريم – و لله الحمد و المنة – نهوضا مباركا في جميع الآفاق , و أحس أبناؤها نزعة نفسية تدفعهم إلى ربط طريف مجدهم بتليده , و حديث تاريخهم بقديمه , فاتجهوا إلى العربية في أزهى عصورها و أنضر عهودها , يتخيرون أرق ألفاظها و أقوى أساليبها و أروع أخيلتها , فامتلأت كتاباتهم بالطريف النادر , و أشعارهم بالرقيق الساحر , و خطبهم بالجزل الرصين , و من وازن بين حالي اللغة الشريفة في عصر نهضتنا هذه و في العصر السابق عليه عصر السبات و الظلام , رأى الفرق جسيما و البون عظيما , و دهش كيف أن ابنة عدنان استطاعت في هذه الفترة القصيرة من أعمار الأمم و أدهار التاريخ أن تخطو هذه الخطوات الواسعة , و أنها تبقى كامنة خادرة حتى إذا وجدت السبيل أمامها مذللة , و الطريق معبدة , وثبت وقبة تطوى لها الأرض , و تطأطئ لها الجبال , و إن نظرة في تاريخ الفصحى تدل على أنها تنقبض في صدفها و لا تموت , و تنصل في ألواحها و لا تمحى { إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون } فقد أصابت العربية أحداث , و مستها قروح كان أقلها كافيا لهدم أقوى اللغات ركنا و أمنعها حصنا من غارات للأعجمية ذهبت بالرطب و اليابس و جولات للشعوبية كادت تقضي على الشرف الخالد و المجد التالد :






    و مع هذا أيها السادة بقيت اللغة العربية تنظر إلى الأحداث شزراً , و تسخر من الخطوب , فقام رجال في هذا العصر في كلا بلاد العربية بنصرتها و شد أزرها و الإشادة بمجدها.
    لهذا أيها السادة تروننا لا نألوا جهدا في تطهيرها من أدران اللحن , تنقيتها من فاسد الأساليب , لأن الشعور بالنقص أول مراتب الكمال , و لأن أبا الطيب يقول :

    و لم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على الكمال

    و لو أنّ كلّ أديب نبّه إلى خطأ فأصلحه , أو فساد تعبير فتجنبه , لطهرت اللغة من شوائب النقص في زمن قصير , و إلى الشباب ندائي , و إلى أبناء العربية رجائي أن يكون لهذه المحاضرات أثرها النافع إن شاء الله تعالى
    و لنبدأ بالكلام في الموضوع فنقول :



    - يخطئ كثير من الشادين في الكتابة فيستعملون فعلا لا وجود له في العربية و هو (( تضامن)) فيقولون مثلا : يجب أن نتضامن في هذا الأمر و هذا المشروع يحتاج إلى التضامن , يريدون أنّه يحتاج إلى بذل الجهد المشترك مع ثقة كل شخص بأخيه
    و من العجيب أن هذا الفعل المصنوع الزائف انتشر على ألسنة المثقفين انتشارا عظيما , خير فعل يحلّ مكانه و يؤدي معناه الفعل ((تواثق)) و مصدره التواثق , قال كعب بن زهير :

    ليوفوا بما كانوا عليه تواثقوا *** بخيف منى و الله راءٍ و سامعُ

    أي : ليوفوا بالأمر الذي تعاهدوا عليه و اتفقوا على بذل الجهد فيه متحدين متواثقين , و يشبه خطأهم في استعمال هذا الفعل الذي لا أصل له في اللغة استعمالهم الفعل تكاتف , فيقولون : يجب أن نتكاتف في هذا الأمر , بمعنى نتعاون , و نجاح هذا المشروع موقوف على التكاتف , و هذا الفعل تكاتف لم يرد في كتب اللغة المعتمدة , و الكلمات الصحيحة في هذا المعنى كثيرة فلسنا بحاجة إلى ابتكار فعل جديد نشتقه من الكتف , ففي الاستطاعة أن نقول : نتعاون ونتعاضد و نتساند و نتآزر , و لا بد من المعاونة و التعاضد و التساند و المؤازرة .



    -و من الغلط أنهم يجمعون الأبله على بلهاء , و هذا من أعجب العجب , لأن أَفْعَل الذي مؤنثه فَعلاء , كأبله و بلهاء لا يجمع جمع تكسير إلا على : فُعْل , أما بلهاء فإذا صحّ فإنّه يوجب أن يكون في اللغة : بليه و باله , و ليس لهما وجود فيها , فالصواب أن يجمع الأبله على بله , كما يجمع الأحمق على الحمق , و الأعرج على العرج.



    - و من الغلط الفاشي قولهم : تحسنت الصناعة عن ذي قبل , و زيادة (( ذي )) قبل الكلمة ((قبل)) غلط لأنه لا معنى له و لأن العرب لم تستعمل هذا التركيب , و لم تجىء كلمة قبل في لغتها مسبوقة بذي, و إنما تقول في التركيب السابق : تحسنت الصناعة عما كانت عليه من قبل .

    أما ذي فإنها لا تدخل على قبل , و إنما تدخلها العرب على قبل – بفتحتين- لمعنى غير هذا المعنى , فتقول : أفعل ذلك من ذي قُبَل , أي : فيما استقبل من الزمان , و لا شك أن الغرضين مختلفان , و أن قُبَل غير قَبْل.



    - و يغلطون فيقولون : تقضي آداب اللياقة بكذا , كأنهم يجعلون اللياقة مصدرا للفعل , لأن يليق و هو ليس له بمصدر , لأنّه لم يسمع بين مصادره و لأنه لا يدل على حرفة حتى ينقاس , و إنما مصدره الصحيح : الليق و الليقان , فالواجب أن نقول : تقضي آداب الليق و الليقان بكذا , و لو أننا أبدلنا ياء اللياقة باءً , فقلنا اللباقة – بالباء – لأصبنا شاكلة الصواب , فإن العرب تقول : هذا الأمر يلبق بك و لا يليق بك أي لا يحسن فمن السائغ لنا أن نقول : تقضي آداب اللباقة بكذا.



    - و من الأغلاط الفاشية قولهم : حادث مريع , فيصوغون اسم الفاعل و هو مريع من الفعل أراع , و لا أثر لهذا الفعل في اللغة و إنما يقال : راعني الأمر و روعني , بمعنى : أخافني و أفزعني و لا تقل أراعني , فالصواب أن يقال : حادث مروع , و يصح أن تقول : حادث رائع , بمعنى : مفزع أيضاً و لكن الرائع يأتي لمعنى آخر , فقد يكون لما يعجب الناس بحسنه و جهارة منظره أو شجاعته , تقول : جمال رائع و الأصل في ذلك كلّه الروع , و هو القلب أو موضع التأثر منه , و زللهم هذا يشبه في قولهم : هذا فعل مُشِين – بضم الميم – و ما هذه الأفعال المُشينة ؟ و هذا غلط صارخ , لأنه ليس بين أفعال اللغة (أشان) و إنما الفعل شانه و يشينه شيناً بمعنى : عابه فالصحيح أن يقال : عمل شائن , أو : عمل مَشين – بفتح الميم – على أنه اسم مفعول أي أنه عمل يعيبه الناس و يشينوه.




    - و من الغلط قولهم : زرتك و الساعة تسع , مثلا , و وجه الغلط فيه أن الساعة هنا مبتدأ , و من القواعد الأولى في العربية وجوب مطابقة الخبر المبتدأ , فإذا كان المبتدأ مفرداً وجب أن يكون الخبر مفردا , و الساعة هنا مفرد يدل على شيء واحد ما في ذلك ريب , و تسع تدل بوضعها على أكثر من شيء واحد , أي أنها تدل على تسعة معدودات , فانتفت المطابقة و اضطرب الكلام , هبْك قلت : التفاحة تسع , أو: الدواة تسع , أتظن هذا قولا تسيغه نفسك أو يستسيغوه سامعوك؟ و لكن الألسن جرت على هذا اللحن و لم تضجر له الآذان , لأنه شاع في العامية فلما نقل إلى العربية كان له في النفس مكان مأهول , و الصواب – إن أريد التشبث بهذا التركيب – أن تقول : زرتكتك و الساعات تسع , أو أن تقول كما يقول الناس : زرتك في الساعة التاسعة .



    - و يقولون : هذا الشيء يجلب الشهية للطعام , أو : يذهب بالشهية . و كلمة الشهية بهذا المعنى غلط هنا لا ندري من أين جاءت , و إنما الشهية : مؤنث الشهى , و الشهى : الشيء المشتهى و اللذيذ , و لا شك أن الكلام لا يستقيم البتة حين نقول : هذا الشيء يجلب الشهية للطعام , إذ يكون معناه هذا الشيء يجب اللذيذة للطعام و هذا هراء , فالصواب أن يقال : هذا الشيء شه للطعام أو يشهي الطعام أي يجمل على اشتهائه.اهـ ص ( 227 / 229 ) طبعة دار الشروق.

    ...............يتبع بإذن الله مع المقالة الثانية في بيان الأخطاء الشائعة في اللغة العربية .

     
    أعجب بهذه المشاركة سندس
  2. ابوحفص تغنيف

    ابوحفص تغنيف عضو وفيّ


    المقالة الثانية : إصلاح الأغلاط الشّائعة في اللّغة العربية (2) (*)


    قال الأستاذ الأديب علي الجارم رحمه الله تعالى :

    أعود إلى الكلام في تصحيح الأغلاط الشّائعة في العربية , و أنا أزداد في كلّ يوم ثقة بأنّ الدعوة إلى هذه الناحية من الإصلاح أخذت تدنو من أفئدة الشبّان و المتعلمين في مصر و بقية الأقطار العربية , و أزعم أنه بعد أن كانت الأذن تنفر في أوقات فراغها من البحوث العلمية و أقاويل الجد , شرعت تصغي إليّ من بعيد علّها تتدارك خطأً فتصلحه , أو غلطاً فتجتنبه , لأني أدعو إلى إصلاح يجب أن يُحِلَّهُ كلّ عربي المحلَّ الأول , و ينزله من ثقافته في المكانة العليا . و دعوني من الشبان المستهترين و الكتاب الإباحيين , فلست هؤلاء أعني و لا إليهم أسوق الحديث , و لعلنا نتقابل بعد قليل حينما ينتعشون من كبوتهم , و يفيقون من غفوتهم , و لقد وصلت إلى رسائل ليست بالقليلة , و علمت في أثناء رحلتي إلى لبنان و سورية و العراق أن صوتي لم يذهب في الهواء , و أن صرختي لم تكن في واد , و أن حميتي للعربية و أهلها عرفت سبيلها إلى القلوب.


    و قد أخذت على نفسي ألا أحكم بخطأ كلمة لها في العربية وجه مقبول , و ألا أتجاوز عن غلط يأباه ذوق العربية و تنبذه نصوصها و تتجافى عنه أصولها , لأني بان لا هدام , و مصلح لا متزمت , و مترخص فيما اتسعت له الرخصة , و حارس بستان إذا ذدت الغربان عن ثماره فلن أذود الصادحات عن أفنانه .

    و التعرض للحكم بأن كلمة غير صحيحة و أن أخرى صحيحة ليس بالأمر السهل , و لا هو على طرف الثمام , و إنما يجب أن يصدر عن نضج في اللغة و الأدب , و تمكن من طرائق العرب في تصريف الأبنية و مناحي استعمال الكلام , ورب كلمة لا تجد لها نصاً في معجمات اللغة و لكنها جاءت في أشعار المتقدمين , و عبارات كبار الكاتبين الذين يحتج بهم لمكانتهم في اللغة , فللجاحظ مثلا كلمات لم نظفر بها في المعجمات و للإمام الشافعي في مؤلفاته ألفاظ لم تقع بأيدي اللّغويين , و هو الذي يقول فيه الأزهري صاحب الحكم : ( وقول الشافعي نفسه حجة , لأنّه عربي فصيح اللهجة , و قد اعترض عليه بعض المتحذلقين فخطأه , و قد عجل و لم يثبت فيما قال , و لا يجوز لحضري أن يعجل إلى إنكار ما لا يعرفه من لغات العرب).

    و قد كنت مرة أقرأ للمتنبي قصيدته البائية في مدح سيف الدولة التي أولها :

    فديناك من ربع و إن زدتنا كرباً *** فإنّك كنت الشرق للشمس و الغربا

    فتلاقيت بهذا البيت :

    و يخشى عباب البحر و هو مكانه *** فكيف بمن يغشى البلاد إذا عبا

    و رأيت أن الشراح جميعاً فسروا عب بمعنى زخر و ارتفع ماؤه , فأحببت أن أرجع إلى المعجمات لدارسة هذا الفعل دراسة كاملة , فلم أجد فيها نصا بهذا المعنى , ففيها : عب فلان الماء يعبه : شربه مرة واحدة , و عب النبت : طال , عب الرجل : إذا حسن وجهه بعد أن أصابه تغير
    و لم أجد بين صفحاتها فعلاً مثل عب البحر إذا زخر و ارتفع ماؤه.


    و لكنني أجد فيها كلمة العباب و أرى أنهم قالوا ف تفسيرها : عباب الماء : أوله و معظمه و ارتفاعه .

    و هنا ينقذني و ينقذ المتنبي على الصرف , فيقول : إن الماء إذا تدفق و ارتفع و سمع له صوت و نثيج , و إن الغالب في الأفعال الدالة على صوت – من غير بابي فرح و كرم – أن يكون مصدرها على فعيل أو فعال , كصهيل و صراخ , و إذا فعباب هذا إنما هو مصدر ل (( عبّ)) بمعنى زخر , و إذا يكون اللغويون قد ذكروا المصدر و أغفلوا الفعل ثم يقول علم الصرف ثانية : أن مضارع عب الماء يجمل أن يكون يعِب بكسر العين , لأنه فعل مضعّف لازم و الغالب في هذا أن يكون من باب ضرب.


    و ربّ كلمة لهج بها المتعلمون بأنها خطأ , و جرت عليها أقلام المعلمين الحمر قاسية غاضبة , لأنهم لم يروها في كتب اللغة ماثلة بنصها و حروفها و اشتقاقها.

    و ذلك ككلمة : عائلة , لماذا ؟ لأنها ليست في المعجمات . يا سادتي إن هذه الكلمة ليست مستحدثة في هذا القرن و لا في القرن الذي قبل , إنها وجدت في شعر لشعراء الدولة الأيوبية , و قد يكون لها ذكر قبل ذلك و لكني لم أعثر عليه , و الدولة الأيوبية نشرتها في سنة سبع و ستين و خمسمائة , إذن مر على هذه الكلمة المسكينة تسعون و سبعمائة عام و هي تدور على الألسنة و تكتب في الشعر , ثم نجيء اليوم و نقول لها اخرجي من وكرك أيتها الدعية اللزيقة فلست منا و لا من لغتنا لأنك لست في معجماتنا ! يا سادتي المعجمات لا تذكر المشتقات و لو استوفت المشتقات جميعاً لعادت حجما كبيراً و عبئاً ثقيلاً.

    تعالوا نبحث في هذه الكلمة من الوجهتين اللغوية و الصرفية , و تمهلوا فإن الحكم على كلمة بالإعدام يشبه قتل النفس البريئة بغير حق.

    العائلة على وزن فاعلة , و هي مشتقة من عال ما في ذلك ريب , فلننظر إذن معاني الفعل : عالَ , فنرى علماء اللغة يقولون : عال الرجل يعول و يعيل إذا افتقر . يكفينا هذا فعائلة بمعنى مفتقرة , و لا شك أن زوج الرجل و صغارة مفتقرون إلى من يقوم عليهم و يمونهم , فعائلة الرجل المفتقرة إليه هي زوجه و أولاده , و هذا هو المعنى الحقيقي الذي يقصده الناس عند التعبير بكلمة العائلة.
    ثم نعود إلى المعجمات ثانية , فنرى عال الرجل أهله يعولهم : كفاهم و مانهم و أنفق عليهم , و العائلة على هذا المعنى فاعلة بمعنى مفعولة , أي : معولة . واستعمال اسم الفاعل في معنى اسم المفعول شائع فصيح . قال الله تعالى : ( فهو في عيشة راضية ) أي : مرضي عنها , ثم إن هنا معنى بليغاً , لأن العائلة و إن كان كاسبها يمونها هي التي في الحقيقة تمونه , لأنها تدفعه إلى الكدّ و العمل و طلب الرزق.

    قال تعال : ( لاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقهم و إياكم ) فقد(1) رزق الأولاد على رزق آبائهم , لأن الآباء بأبنائهم يرزقون .

    جملة القول أن كلمة العائلة صحيحة من ناحية الاشتقاق اللغوي على كلا المعنيين لـ ((عال)).


    و مما يجري هذا المجرى كلمة فنان . نبت بين المتأدبين من يقول : لا تستعملوا كلمة فنان في صاحب الفن كالشاعر و المصور و المغني و الممثل(2) , لأنّ الفنان في اللغة الحمار الوحشي , فرجع الكتّاب و المتعلمون إلى معجماتهم فوجدوا فيها :
    و الفنان في شعر الأعشى حمار الوحش , لأن له فنوناً في العدو , فآمنوا و صدقوا و سخروا من كل من يسمي المصور فناناً . و لو تأمل هؤلاء في عبارة اللغويين لرأوا أمرين حقيقين بالنظر , أولاً أنهم قالوا : الفنان في شعر الأعشى , أي أن الأعشى استعمل هذه الكلمة ليدل بها على الحمار الوحشي , فالفنان إذن ليس اسما موضوعاً للحمار الوحشي يعرفه به كل العرب , على أن هذه الكلمة في الحقيقة في شعر الأعشى وصف لموصوف محذوف , و هذا كثير في لغة العرب فهو يقول :
    و إن يك عربيب من الشّد غالها *** بميعة فنان الأجاري مجذم

    أي بميعة حمار فنان الأجاري .


    و ثانيا : أن اللغويين قالوا : (لأن له فنوناً في العدو) و هذا صريح في أن هذا الوصف إنما أطلق على حمار الوحش لأن له أنواعاً مختلفة من العدو و ما علمناأن الوصف يختص بشيء بعينه , و لا أننا إذا وصفنا فرساً بأنه سباق لا يسوغ لنا أن نصف عالما بأنه سباق في علمه و فضله.
    على أن صيغة فنان من صيغ النسب الجارية على فعّال كـ : لبّان , و زجّاج أي : ذي لين , و ذي زجاج , فمعناها : ذو الفنون , فهي تطلق على كلّ صاحب فن في العدو أو التصوير أو غيرها(3).

    هذه أمثلة قليلة عندنا منها كثير , تدل على أنّ كتب اللغة يجب أن تقرأ بفهم و بصيرة و تمكن في علوم الاشتقاق .
    و هذه إشارات خاطفة للذين يتعجلون فيكتبون في الصحف و المجلات بأن هذه الكلمة خطأ و أن هذه الكلمة صحيحة من غير إلمام و تريث و تدقيق.
    و الله وليّ التوفيق. اهـ جارميات ص(230 / 233 )


    .................يتبع بإذن الله مع المقالة الثالثة.


     
  3. الفجـ الباسم ـر

    الفجـ الباسم ـر عضو متميز

    طرح راق وشاف
    لقضية لغوية ينوء بحملها أولي العصبة من التحمل
    قمت بتخزين الموضوع في ملفي الخاص ليكون منارة لي وتقويما للساني
    في انتظار ما يحمله اللاحق مستفيدين من السابق
    جزا الله
    الأستاذ الأديب علي الجارم رحمه الله رؤية وجهه الكريم واياك أخي
    فيض شكري وخالص امتناني
     
  4. سندس

    سندس طاقم الإدارة إداري

    طرح قيم ، بارك الله فيك
     
  5. معهد

    معهد عضو نشيط

مشاركة هذه الصفحة