قصة العجوز الشريرة

الموضوع في 'قصص، روايات، ونصوص أدبية' بواسطة عصمة الدين, بتاريخ ‏7 يوليو 2012.

  1. عصمة الدين

    عصمة الدين ♣~مشرفة أقسآم التعليـم المتوووسطــ~ ♣ طاقم الإدارة مشرف



    قصة العجوز الشريرة
    يحكى أن عجوزاً كبيرة كانت تعيش في قرية كبيرة ناسها يحيون حياة بسيطة، يساعد الواحد منهم الآخر، ويشدُّ أزْرَهُ "يقوّيه" ويحميه وكأنهم أسرة واحدة، لكن العجوز كانت تبتعد عن الجميع فتؤذي وتسرق، وتعبث وتفرح حين تصنع شجاراً بين اثنين في بيت أو في الشارع، ويسرها أن يتألم الناس.
    وذات يوم، اقتربت العجوز من بيت، فسمعت صوت شجار، فقربت أذنها من نافذة البيت، وأخذت تتسمع لصوت شجار رجل مع امرأته، وراحت تفرك يدها سروراً، وهي تردد في نفسها: "يا له من شجار!!" كان الرجل يقول لامرأته:
    - أنت تهملين كل حاجة لي..
    والمرأة تعتذر وتقول:
    - أنا لم أهمل ثيابك.. لقد شغلني ولدنا الصغير.
    وسمعت الرجل يرد:
    - أتريدين أن أحمل ثيابي للجيران ليغسلوها لي؟!.
    وترد المرأة:
    - أرجوك كُفَّ عن هذا.. سأغسلها حالما ينام الولد..
    كانت العجوز تختبئ في مكان قريب، وتنظر من خلال نافذة صغيرة في جدار البيت، كانت هناك طفلة تقترب من العجوز تلعب قافزة مغنية، بينما كانت العجوز تنظر إلى رجل البيت يغادر، وعندئذ أشارت للطفلة بيدها وهي تهمس: "تعالي" فأسرعت الطفلة نحوها، وبسرعة أخرجت العجوز حلوى من تحت ثيابها، وقدمتها للطفلة وهي تقول:
    - اسمعيني يا حلوة.. روحي لجارتكم، وقولي لها: إن أمك تدعوها الآن إلى بيتكم.. حالاً يا بنت.
    أخذت الطفلة الحلوى فرحةً، ووضعتها في فمها، وركضت إلى بيت المرأة، وأسرعت العجوز تستتر وتختبئ وراء عتبة البيت الخلفية، تنظر بلهفة إلى باب بيت المرأة، الذي انفتح وخرجت منه المرأة تاركة ملابس زوجها من دون غسل.
    تحركت العجوز متلفتة، وفمها الخالي من الأسنان يكاد يضحك ضحكة كبيرة بلا صوت، ودخلت بيت المرأة، وأسرعت تغسل ملابس الرجل بماء كانت المرأة قد حضّرته ونشرتها على حبل البيت، وانسحبت مختبئة بعدها، وهي تنظر إلى باب بيت الجارة.
    وحين خرجت المرأة من بيت جارتها، دخلت بيتها، وهي تنظر متعجبة مشدوهة إلى حبل الغسيل وعليه ملابس زوجها مغسولة تقطر ماء، المرأة.
    تلفتت المرأة باحثة حولها، ثم دخلت مسرعة إلى داخل غرفة البيت، وخرجت منها، وخرجت من باب الحوش ونظرت، لكنها لم تر أحداً. وكانت العجوز المختبئة وراء السياج تضحك وتضحك بلا صوت، وكانت المرأة تردد بصوت مسموع:
    - عجيب!! تركتها ملوثة هنا وخرجت، وعدت ووجدتها مغسولة.. من غسلها؟، ماذا يجري هنا..؟.
    أسرعت المرأة تدعو البنت زينب، ولما لم تحضر زينب، انطلقت المرأة إلى بيت جارتها، فأخذت العجوز ترقص من فرط سرورها وهي تنظر إلى باب بيت الجارة.
    خرجت المرأتان وهما تتكلمان، كانت الجارة تقول:
    - أنا لم أطلب حضورك حقاً.. زينب توهمت.
    وسألتها المرأة:
    - ولماذا تكذب زينب عليّ وعليك؟.
    أجابتها الجارة:
    - زينب لا تكذب.. الأطفال لا يكذبون يا أم سهيل.. لكنهم ربما يتخيلون!.
    وسألتها المرأة:
    - والملابس المغسولة والمنشورة على الحبل..؟.
    أجابت الجارة:
    - أمر محير وعجيب يا أختي.
    وجاءت الطفلة زينب فأسرعت إليها أمها تسألها:
    - من قال لك إنني أدعو خالتك أم سهيل؟.
    أجابت زينب:
    - المرأة التي أعطتني الحلوى.
    وسألتها أمها:
    - هل هي إحدى الجارات؟.
    وحركت زينب رأسها وهي تمضغ الحلوى وقالت:
    - لا.
    قالت العجوز في نفسها:
    - عظيم.. لقد أشعلتها ناراً.. لأبتعد بسرعة..
    وتحركت تدب بعصاها، والمساء يحتويها شيئاً فشيئاً، وتكبر ابتسامتها قليلاً قليلاً حتى ينفتح فمها كله وهي تدفع باب بيتها المصنوع من أغصان الأشجار وسعف النخيل، وتدخل وهي تكركر كركرة عالية وتقول:
    - يا للطفلة البلهاء، قالت لهم لكنهم لم يسمعوها، كادت تخرب عملي كله.. الأطفال ينسون فيقولون الصدق

    وبعد أيام، كانت المرأة العجوز تمشي في درب القرية، عندما رأت بيتاً غادرته صاحبته، فدخلته وسرقت ما تحت دجاجه من بيض وخرجت، فرأت طفلاً ينظر إليها مستغرباً وبعض البيض ظاهر من تحت ثيابها، فأسرعت إليه وقالت له:
    - أم البيت قالت لي خذي هذا البيض..
    وشعرت أنه لم يصدقها، فأشارت إلى حصان مربوط قريباً، وقالت:
    - ولد.. هل هذا الحصان جميل؟.. حسناً.. أنا أعطيه لك، وسأمشي أنا على قدمي وعكازي..
    وقدمت له حلوى وقالت تسأله:
    - هل الحلوى طيبة؟.

    فقال وهو يمضغها:
    - طيبة جداً.. شكراً يا جدة.
    وانحنت عليه تقبله وتقول:
    - لا تخبر أحداً أنني أنا أخذت البيض.
    فأجابها:
    - لو سألني أحد سأخبره، لأنني أقول الصدق، ولا أكذب..
    فضحكت في وجهه وقالت:
    - ليس هذا كذباً.. إنك تساعد جدتك العجوز، وتحصل على حلوى وحصان..
    وأخذ الصبي يصيح:
    - هذه المرأة تكذب.. هذه العجوز كذابة..
    فرت العجوز مسرعة تتخفى بين البيوت، بينما خرجت أم زينب وأم سهيل ونساء أخريات.. فلما رآهن الولد صاح:
    - العجوز أخذت بيض دجاجاتك يا خالتي وأعطتني حلوى وهذا الحصان، وقالت لي: "لا تقل لأحد..".
    وهنا خرج رجل من بيت وقال وهو يضحك:
    - أية عجوز مجنونة هذه التي تعطيك حصاني..؟.
    تتبع الناس المرأة العجوز إلى كوخها في الطرف البعيد للقرية، وحملوا أمتعتها وأغراضها ورموها في الشارع، وطردوها من القرية كلها، فتشبثت العجوز ممسكة بأجسام الرجال والنساء وهي تبكي بدموع غزيرة وتقول:
    - أرجوكم يا ناس.. أنا عجوز شريرة. أكذب وأسرق لأني فقيرة وجائعة وليس لي مَنْ يكلمني أو يعطيني شيئاً، لا أحد يسأل عني أو يهتم بي..

    الناس في القرية رقُّوا لحالها، بعد أن عرفوا أنهم قصّروا بحقها "لم يفعلوا الواجب"، وسامحوها وقالوا لها:
    - سنطعمك نحن أهل القرية، ونساؤنا ستعينك على وحدتك.
    ومنذ ذلك اليوم لم تعد العجوز مضطرة للكذب، فأهل القرية يقدمون لها طعامها، وصارت تجمع أولاد القرية حولها وترعاهم وتحكي لهم الحكايات الحلوة، لتسلي نفسها وتسليهم حتى إنها تحكي حكايتها كل يوم: العجوز الشريرة والولد الصادق.
     
    لارا و مشتاقة للقاء ربي معجبون بهذا.
  2. مشتاقة للقاء ربي

    مشتاقة للقاء ربي شموخي في زمان الانكسار عضو وفيّ

    [​IMG]
     
    أعجب بهذه المشاركة لارا
  3. لارا

    لارا قلب الفراشة عضو وفيّ

    جزاك الله خيرا على القصة الرائعة بارك الله فيك
    بانتظار جديدك
     
  4. عصمة الدين

    عصمة الدين ♣~مشرفة أقسآم التعليـم المتوووسطــ~ ♣ طاقم الإدارة مشرف

    وفيكم بارك الرحمان اخوتي في الله اشكركم كل الشكر لتوا دكم بمواضيعي
     
  5. جزاك الله خيرا ووفقك
     

مشاركة هذه الصفحة