تستخدم " إذَنْ " المنتهية بالنون إذا نَصَبتِ الفعل المضارع بعدها . مثال : [ سأزوركم إذَنْ سنكرمَك] و نستخدم " إذاً " المنتهية بألف إذا لم تَنصِب الفعل المضارع بعدها أو إذا لم يأتِ بعدها فعل مضارع . مثال : [ إنْ تُكثر من اللعب ، إذاً تُتّهمُ بالإهمال] مثال آخر : [ أنتَ كرمتني ، فأنا إذاً مدين لك ] ملاحظة : هذه بعض المعلومات جمعتها أتمنى أن تنتفع بها في هذا المقام : " كتابةُ ( إِذَنْ ) بالنون([1]) : نَقَلَ الجاربرديُّ ([2]) ، والسُّيوطيُّ ([3]) أنّ الزَّنجانيَّ يرى كتابةَ ( إِذَنْ ) بالنُّونِ . والنَّحويون قد اختلفوا في رَسْمِ ( إِذَنْ ) بالنُّونِ أو بالتَّنوينِ ، والوقفِ عليها على الآراء الآتية : الرأي الأول : وهو كتابتها بالألف ، ومن حججهم : 1 . أنّها تشبهُ النونَ الخفيفةَ والتنوينَ ، في نحو : ﴿ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِية ﴾ 2 . أنّها تُشْبِهُ نونَ ( لَدُن ) التي تُبْدَلُ أَلِفاً . 3 . أنّ الوقفَ عليها يكونُ بالألفِ . 4 . أنَّ رَسْمَ المصاحِفِ على كَتْبِها بالألف . قال به ابنُ قتيبة ([4])، وابن مالك في التسهيل ([5]) ، وابن هشام ([6]). ونُسِبَ هذا الرأيُ إلى المازنيّ ، كما نَقَلَهُ عنه أبو حيان في شرح التسهيل ([7]) ، ونَقَلَهُ عنه أيضاً المالقيُّ([8]). وفي نِسبته إليه اضطرابٌ سيأتي بيانُه. قال الرُّمانيُّ([9]) : وهو الاختيارُ عند البصريين . الرأي الثاني : وهو كتابتها بالنون ، ومن حججهم : 1 . أنّ النونَ فيها أصليّةٌ كنونِ ( عَنْ ) و ( مَنْ ) و ( أَنْ ) . 2 . أنّها في الأصلِ مركّبةٌ من ( إِذْ ) و ( أَنْ ) ، ونُونُ ( أَنْ ) لا تُبْدَلُ . وهو قولٌ عن الخليلِ([10]) . 3 . أنّها حرفٌ ، والحروفُ لا يدخلها التنوينُ ،وهذه حُجَّةٌ قويَّة ؛ لأنّها حرفُ جوابٍ وجزاءٍ . قال به المبرّدُ ، ونُسِبَ إليهِ أنّه قالَ : ( أَشتهي أنْ أكوي يَدَ مَنْ يكتب ( إِذَنْ ) بالألف ) ([11]) . وقال به أيضاً ابنُ درستويه ([12])، والزَّنجانيّ وابنُ عُصفور . ونُسبَ هذا الرأي أيضاً إلى المازنيِّ كما نَقَلَهُ عنه الرَّضي ([13])، والمراديّ ([14]) ، وابنُ هشام([15]) . قال المرادي : وفي نِسبةِ هذا الرَّأي للمازنيّ نظرٌ ؛ لأنّه إذا كان يرى الوقفَ عليها بالنُّونِ كما نُقِلَ عنه فلا ينبغي أنْ يكتبها بالألفِ . قال الرُّمانيّ : وهو الاختيار عند الكوفيين . الرأي الثالث : أنّها إذا أُلغيت عن العملِ كُتِبَت بالألفِ ؛ لضعفِها . وإذا أُعملت ونَصَبتِ الفِعْلَ بعدَها كُتبت بالنونِ ؛ لقُوَّتِها . وهو رأيُ الفرّاء([16]) . الرأي الرابع : أنّها إنْ وُصلت في الكلامِ كُتِبَتْ بالنُّونِ ، عَمِلَت أم لم تَعْمَل ، كسائِرِ الحروف ، وإذا وُقِفَ عليها كُتِبَتْ بالألِفِ ؛ لأنّها إذ ذاك مُشَبَّهَةٌ بالأسماءِ المنقوصة في عَدَدِ حروفِها ، وأنّ النُّونَ فيها كالتنوينِ ، وأنّها لا تَعْمَلُ في الوقفِ مُطْلَقاً . وهو رأيُ المالقيّ واختيارُه ([17]) . والمتأمّل في عبارة الزّنجاني ([18]) يجد أنّه لم يُخَطِّئْ كتابَتَها بالألف ، بل أجازَ الوجهين ، وألزم من يريدُ كتابتها بالألف أنْ يُنوِّنَ بالشَّكْلِ . وقد وجدتُ الزّنجانيّ كَتَبَها بِخَطِّ يَدِهِ في ( الكافي ) غيرَ مَرَّةٍ بالألف ( إذاً ) ، ووَضَعَ لها تنويناً ، عِلْماً بأنّه قال : (( لكن الأَوْلى أن تُكْتَبَ بالنون ... )) ، فوافَقَ الكوفيين في رأيِهِ ، ووافَقَ البصريين في استخدامِهِ ، ولعلَّ سبب ذلك أنّه أراد مُجاراةَ كُتَّابِ عَصْرِهِ آنذاك ، إذ لاحظْتُ أنّه - في مسائل فصل الهجاء - يلتزمُ الكتابةَ الشّائعةَ المشهورةَ . والله أعلم . ([1]) يُنظر النص المحقق 546 . ([2]) شرح الشافية 374 . ([3]) همع الهوامع 2 : 232 . ([4]) أدب الكاتب 248 . ([5]) يُنظر همع الهوامع 2 : 232 . ([6]) المغني 31 . ([7]) يُنظر همع الهوامع 2 : 232 . ([8]) رصف المباني 155 . ([9]) يُنظر حروف المعاني للزجّاج 6 . ([10]) يُنظر الجنى الداني 363 . ([11]) يُنظر الجنى الداني366 . ([12]) كتاب الكِتَاب 90 . ([13]) شرح الشافية 3 : 318 . ([14]) الجنى الداني 365 . ([15]) المغني 31. ([16]) هكذا نقل عنه ابن قتيبة في أدب الكاتب 249 يقول : « قال الفرّاء : ينبغي لمن نصبَ بـ( إذن ) الفعلَ المستقبلَ أن يكتبها بالنون ، فإذا توسّطت الكلامَ ، وكانت لغوًا ، كتبت بالألف ». وعلى النقيض من ذلك ما نقله ابنُ هشام عن الفرّاء « أنّها إنْ عملت كتبت بالألف ، وإلّا كتبت بالنون؛ للفرق بينها وبين (إذا) الشرطية والفجائية ، وتبعه ابنُ خروف » . المغني 31 . ونلحظُ هنا تضارب النقل عن الفرّاء بين ابن قتيبة وابن هشام ، والله أعلم بالصواب . ([17]) رصف المباني 155 . ([18]) يُنظر النص المحقق 546 . منقول من كتاب ( الكافي في شرح الهادي للزنجاني - قسم التصريف / الدراسة ص 32 ) . - ( الكافي في شرح الهادي للزنجاني 660 هـ - قسم التصريف ) تح: أنس بن محمود فجال ، رسالة ماجستير من جامعة صنعاء ، كلية اللغات ، قسم اللغة العربية والترجمة ، 2005 م .