" بغى الشيء يبغيه" في اللغة والاستعمالالكلمة الواحدة تستعمل في معانٍ عِدَّة ، والسياق يحدد المعنى المُراد . فـ ( بَغَى الشيءَ يَبْغِيْهِ ) : طَلَبَهُ . يُقال : بَغَى الشيءَ بُغْيَةً : طَلَبَهُ . ويقال : بَغَيْتُ لك الأمرَ : طلبتُهُ لك . وفي القرآن الكريم ( يبغونكم الفتنة ) وأكثر ما يستعمل في معنى الطلب ( ابتغى ) لا ( بغى ) . وقال "أبو الأسود الدؤلي" لزياد : (أَبْغِني كاتبًا يَفْهَمُ عَنِّي ما أقول) في قصة إنشاء الضبط بالشكل . انظر مراتب النحويين صفحة 29 ، وتاريخ العلماء النحويين صفحة 167 . وابتغى الشيء : أَرَادَهُ وطَلَبَهُ . قال تعالى : ( يبتغون فضلا من الله ورضوانًا ) . ويقال : يَنْبَغي له ، أي : يَحْسُنُ ويُسْتَحَبُّ أو يليق . انظر : المعجم الوسيط، إعداد مَجْمَع اللغة العربية بالقاهرة ، (مادة بغو) . وفي سورة يوسف : ( يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا ) . أي : ماذا نريد كذلك وهذه البضاعة قد رُدَّت إلينا ! فالكلمة المستعملة في العامية ( أبغى ) هي فصيحة معنًى . ويبقى أمر اللفظة مع السياق ، فقد يقول المتحدث : "أَبْغَى قَلَمْ" . فإذا أردنا أنْ نُحَكِّم الفصحى طلبنا منه أمرين : الأول : ضبط الغين بالكسر في ( أبغي ) ، وتشكيل كلمة "قَلَمَا" بفتح الميم، ومد الألف فقط عند السكوت، وإذا كانت كلمة (قلم) ليست أخيرة فعلى المتحدِّث تنوينها فيقول : (قلمًا) . الثاني : تحويل الصوت العامي إلى الصوت الفصيح أو نسميها (النغمة) ، فالقاف من (قلم) تُنْطَق همزة في بلاد الشام ومصر، وبين الجيم والقاف في الجزيرة العربية، فعلى المتحدث أنْ يَنْطَقها قافًا فصيحة . انظر في هذا الشأن "الفصحى والإبداع" د. محمد بن محمود فجال، صفحة ( 50 - 51 ) . خلاصة : 1- يُقال في الفصيح الآتي : أ- بَغَى زيدٌ قلمًا ( في الماضي ) . ب- يَبْغِي زيدٌ قلمًا ( في الحاضر ) . ج- أَبْغِنِي قلمًا ( بمعنى : أعطني ) . د- أَبْغِي قلمًا ( بمعنى : أريد ) . 2- يُقال في العامي : أ- أبغَى قلمْ . وهذا لحن ، والصواب : أبغِي . قال تعالى : ( قُلْ أغَيْرَ الله أَبْغِي ربًّا ) الآيةَ . ( الأنعام 164 ) وقال الأعشى : وما زِلْتُ أَبْغِي المالَ مُذْ أنا يافِعُ ** وَلِيْدًا وكَهْلاً حين شِبْتُ وأَمْرَدَا ب- المدير يبغاك . وهذا لحن ، والفصيح: المدير يَبْغيك. قال أحمد شوقي : صالحُ الإخوانِ يبغيك التُّقى *** ورشيدُ الكُتْب يبغيك الصَّوابا وفي كتاب (المغازي) للواقدي ( 2 : 341 ) : " هل جاء أحد يبغيني ؟ فقالوا : رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يبغيك ". وفي كتاب (الطبقات الكبرى) لابن سعد ( 2 : 213 ) : أنَّ "جبريل عليه السلام كان يعوذ محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل ذي عين ونفس حاسد وباغ يبغيك ... " . تنبيــه : الفعل ( بغى ) يتعدَّى باللام . قال تعالى : ( وما ينبغي له ) . ومن الخطأ تعديته بـ ( على ) : ينبغي عليك ( × ) . والله أعلم . كتبه د. محمد بن محمود فجال