يا طالب العلم أخلص نيتك لله

الموضوع في 'مواضيع عامة' بواسطة نعمة الإله, بتاريخ ‏13 فبراير 2011.

  1. نعمة الإله

    نعمة الإله عضو متميز


    يا طالب العلم أخلص نيتك لله
    [​IMG]
    هذه رسائل مَحَبة نبض بها قلبي مشاعر حب، وترجمها لساني كلمات ودَ، وأملاها على قلمي البسيط فسطرها بمداد الأخوة، وزرعها على أرض الورق حروفاً لتثمر علماً وعملاً... هي رسائل أود أن تصل إلى أعماق النفوس عبر أثير الحب في الله، وأن تدخل كل بيت عبر أشعة النور في أرجاء كونه الشاسع، علّها تجد طريقاً إلى قلب القلوب.
    هذه الرسالة أوجهها إلى كل من علتْ همته، وقويتْ عزيمته، فسعى إلى معالي الأمور وما رضي منها باليسير، إلى كل من سار على الطريق ولم يقف إلا للتزود أو الراحة يطلب العون من الله راجياً إياه، ضارعاً إليه "رب زدني علماً".
    إنها لكل من يطلب حظه ونصيبه من ميراث النبوة، فسلك طريقاً يلتمس فيه علماً خالصاً لوجه الله، وهي رسالة من قلب محبّ علها تصل إلى قلوب تستقبلها فتعقلها، وتسمعها فتعيها، وتعمل بها وتنشرها..
    - يا طالب العلم.. أخلص نيتك لله تعالى..
    فلقد حفظت الوصية حين أقدمت على طلبه، وقد أريد بك خيراً إذ سلكتَ خير طريق يوصلك إلى الجنة، قال رسول الله (ص): "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة"(مسلم). أبشر وقد سعيت لأداء الفريضة الواجبة عليك وأنصفت نفسك، ففي الحديث "طلب العلم فريضة على كل مسلم"(ابن ماجه). وأمنتَ بذلك من الجهل والغفلة، وحفظت وقتك وسلكت طريق الرحمة، قال(ص): "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً أو متعلماً"(رواه ابن ماجه، وصححه السيوطي)، وخرجت في سبيل الله كما قال (ص) :"من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع"(الترمذي). وأغلقت مدخلاً كبيراً من مداخل الشيطان إلى قلبك، مدخل الجهل.
    ففز بعلم تعش حيّا به أبداً
    الناس موتى وأهل العلم أحياء
    - هيا.. أدرك حظك من ميراث النبوة..
    كثيراً ما تطالعنا الصور المؤثرة يوماً بعد يوم بمزيد من العبر والتذكرة بما يشعرنا بعظيم النعمة التي نتقلب فيها ليل نهار ونحن ربما لا ندري بها أو نشعر، وإن لانت قلوبنا وشعرت تحرك السان بشكرها حيناً، لكنه يغفل ويسهو أحياناً أخرى، فقد فطر الإنسان على النسيان لأنه بشر، وجلس له الشيطان بالمرصاد ليحول بينه وبين الغاية المباركة التي هي الطريق الأكيد للتعريف بالنعمة، والسبيل السوي لبيانها والعامل المساعد على أداء شكرها.
    أتذكّر ذلك حين أرى شحّ بعض النفوس وغفلتها وتسويفها في السعي لطلب حظها من ميراث نبيها العظيم(ص) الذي يبيّنه فقال: "وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر"(الترمذي). فتراها للأسف كسولة في طلبه، بطيئة الحركة في السعي إليه، تحتاج إلى من يزحزحها عن أرض الكسل والفتور لتفيء وتنهض فتأخذ نصيبها الأوفى منه، ويؤلمني أكثر عندما أتساءل: ماذا لو كان هذا الميراث مالاً ملموساً أو عقاراً محسوساً؟ إذاً، لتنازع عليه أهله وغير أهله وطالبوا به في دور المحاكم وأمام القضاة ولو استغرق منهم ذلك سنين عدداً! فكيف نتنازل ولو عن القليل من حقنا في ميراث نبينا(ص)؟!
    أبشر يا طالب الميراث..
    فإذا وفقك الله تعالى ويسر لك طريق العلم، فأخلص النية في طلبه لله عزوجل، وليكن أول ما تطلبه ما هو فرض عين عليك من تعلم أمور دينك التي بها تعرف الحلال والحرام، والتي تبين لك كيفية القيام بالعبادات التي لا يقوم بها غيرك عنك لتعبد ربك على بصيرة، وكذلك ما تدفع به الشبهات حتى تكون على بينة من دينك ولا يختلط عليك أمرك، فإذا ما علمتَ ذلك وبدأتَ في طلب العلم فالجأ إلى الله واطلب العون منه، واجأر إليه داعياً إياه أنْ علمني يا الله ما ينفعني وارزقني الإخلاص، ثم زيّن هذا الإخلاص بتقوى الله لتتحقق معيّته وعونه لك، وتكون أهلاً لهذا الرزق العظيم من الفهم وحسن التعلم (... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة/ 282).
    العلم من المهد إلى اللحد..
    من أراد أن يطلب العلم فعليه أن يبدأ منذ الصغر، وهذا مسؤولية الآباء والمربيين، لأن العلم في الصغر –كما يقولون- كالنقش على الحجر، وإن كان هذا لا يمنع مَن فاته قطار التعلم في صغره أن يستمر في الطلب، فالعلم بحر لا يجف معينه ولكنه يحتاج دائماً لمن يغرف منه ليستمر جريانه ولا ينضب، وإننا جميعاً في أشد الحاجة لنور العلم فهو المصباح المضيء للقلوب والعقول، وسبيل المعرفة في زمن الغربة، وللأسف فقد حُرم منه الكثيرون في أماكن شتى في هذا العالم رغماً عنهم، بسبب الفقر أو الحروب والنزاعات، ومنهم من لا يستطيع إليه وصولاً لأسباب أخرى متعددة وإن اختلفت، لكنها في النهاية تحمل معنى واحداً لا ثاني له ألا وهو الحرمان من النور، من نور العلم وسناه، أما نحن فبحمدالله قد شملتنا النعمة الإلهية وغمرتنا الرحمة الربانية، إذ يسّر الله لنا ولكل طالب علم سبل تلقيه، وللأسف فما زال الكثير منا لا يدرك هذه القيمة العالية ولا يكلف نفسه مشقة طلبه، ولا يتشوق إليه، تنقصه الهمة والعزيمة، فحبذا العيش مع العلم، ولأن يحيا المرء وهو يتعلم ويموت وهو يتعلم خير له من أن يعيش او يموت جاهلاً، وأي جهل أكبر من جهل المرء بدينه، وأي ضعف أكثر من عدم الحرص على ما ينفعه في الدنيا والآخرة، وقد قال النبي (ص): "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز" (مسلم).
    - حدد هدفك يسهل الوصول إليه..
    بعد مرحلة الصغر يتضح لطالب العلم ما يستهويه ويبرع فيه من فروع العلوم المختلفة، لذا فإن عليه ألا يتقيد بمجموع درجاته في مرحلة ما قبل الجامعة، فيدخل جامعة لا يميل إليها قلبه وعقله، لأنها –كما يقولون- من كليات القمة، أو لأنه حصل على التقدير الذي يؤهله للدراسة فيها، ويغض طرفه عن طموحه وميوله وما يتفوق فيه ويتميز، وهنا، كثيراً ما نقع في الخطأ حين نجعل من مجموع درجات الطالب في نهاية العام حاكماً على مستقبله الدراسي والعلمي، فيقف الوالدان بل والمجتمع من وراء ذلك الطالب مقللين من شأن ميوله بنظرتهم الدونية إلى بعض الجامعات، ولو تركوا له المجال لصار علماً في تخصصه ذلك الذي يريده، فيُحرم منه بسبب أعراف اجتماعية نشأنا عليها تحتاج إلى تصحيح وتغيير، لذا فإننا نؤكد أن أمتنا تحتاج إلى التخصصات المختلفة، وإن كل تخصص له احتياجاته، كما نطلب من طلبة العلم أن يتفرغوا له حين طلبه، وأن يتفوقوا في تحصيله، ليكونوا أعلاماً كل في مجاله، ليس في محيط بلادهم فحسب بل على مستوى العالم بأسره.
    صفات طالب العلم...
    - إنه ذلك الطالب المخلص الذي يطلب العلم مخلصاً لله تعالى لا يطلبه رياء أو سمعة أو لدنياه فقط، إنما شأنه شأن المسلم في كل أعماله، همّه في كل حركاته وسكناته رضا الله تعالى بما ينفع نفسه والناس من حوله.
    - هو الغيور على أمته وبلاده، يتعلم ليسد حاجتها ويرفع شأنها، يشارك بعلمه في رفعتها وعلو شأنها.
    - هو الذي لا يلهيه طلب العلم عن القيام بحق الله تعالى، كأداء الصلوات في أوقاتها، وبر الوالدين، والإحسان إلى الفقراء ومساعدة الضعفاء، وسائر أعمال الخير.
    - إنه الصبور في تحمل مشاق طلب العلم، المحافظ على أوقاته، المتحيّن كل لحظة في طلبه إعلاء لشأن أمته، لا يتعلل بأي سبب ليكسل عن طلبه، فإنه في صبره ومثابرته جهاد للنفس ولشهواتها، وإلا فلن يستطيع أن ينهل من معينه، وكما قال الشاعر:
    إذا كان يؤذيك حرّ المصيف
    ويبسُ الخريف وبرد الشتا
    ويلهيك حسن زمان الربيع
    فأخذك للعلم قل لي متى؟!
    - إنه هو من فرّغ نفسه وجردها من شهواتها في سبيل طلبه للعلم، طموح لا يرضى لنفسه إلا أعلى الرتب والمراتب، يأخذ بأسباب ذلك ويتوكل على الله، شعاره "رب زدني علماً"، كلما نال درجة منه سارع لغيرها.
    - هو الموقر لمعلميه وأساتذته، المطيع لهم، الخلوق معهم، فلا يرفع طرفه عليهم، ولا يعلو صوته صوتهم، يعرف فضلهم، ويثني عليهم ويشكرهم، يخلص لهم الود، ويدعو لهم بظهر الغيب، ولسان حاله يقول: "مَن علمني حرفاً أخلصت له وداً".
    - هو صاحب الخلق الحسن، متواضع مع زملائه وأصحابه لا يبخل عليهم بالعون، ولا يتكبر عليهم بنجاح وتفوق، قدوة طيبة لهم، متعاون معهم على طلب العلم وحسن التأدب بآدابه، قال تعالى: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2).
    - لايسرق جهد غيره بالغش ولو عُرِضَ عليه ذلك أو تيسر له، وهل هناك مبرَر لغشه، إنه إن حصل على النجاح بهذا التدليس والخداع فلا بارك الله له فيه، (وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) (إبراهيم/ 38). أما في دار الجزاء فإنَ الغشاش يُفضح أمام الخلائق يوم تنكشف السرائر، وتُعرض الأعمال وتُنشر الصحائف، ويا للخزي لغشاش ظالم، بل وسارق قد سرق تعب زملائه المجدين المجتهدين الذين أمضوا عامهم في جد واستذكار، والنبي (ص) قد نهانا جميعاً عن الغش فقال: "من غش فليس منا" (الترمذي)، وقال: "من غشنا فليس منا" (مسلم). والواجب عليه بدلاً من ذلك أن يجتهد ويذاكر بجد، والله لن يضيعه بفضله ورحمته.
    ومن لا يذق ذل التعلم ساعة
    تجرع ذل الجهل طول حياته
    - يحافظ على مدرسته وجامعته، نظافتها وممتلكاتها، سلامتها وأمنها، فهي أمانة لديه، وليست ملكاً له وحده، وهو مسؤول عن ذلك أمام الله تعالى يوم القيامة.
    - لا يؤجل واجباته ولا يتركها حتى تكثر وتتراكم عليه، ويتقن أداءها، لأن الله تعالى يحب منه ذلك.
    - لا ينعزل بسبب طلب العلم عن الناس، ولا عن أحداث أمته والعالم من حوله، وإنما يعيش الواقع ويعاصره، ويوازن بين ما يطلب من العلم وبين العلوم الأخرى ليكون على بينة بما يحدث في عصره.
    - أن يطلب مع علمه وتخصصه العلم الشرعي المفروض عليه، ليتعرف على دينه من خلاله ويعمل بما تعلم منه ليتحقق الغرض والنفع له.
    - يغض طرفه عن المحارم، ويتقي الله في مشيته ونظرته وسكونه وحركته، له ورد يومي من القرآن الكريم، وصحبة مع الذكر والدعاء، يستعين بطاعته لله على طلب العلم.
    - يستخدم من الوسائل التكنولوجية الحديثة في عصره ما يعينه على الفهم، ويساعده على طلب العلم ويستفيد من تلك النعم.
    - وأخيراً يا طالب العلم فلست وحدك من تطلب العلم، فقد طلبه قبلك كثيرون ويطلبه معك أيضاً كثيرون وسيطلبه بعدك أيضاً الكثيرون، فلا تغتر بما آتاك الله تعالى، واعلم أنك مهما بلغت فيه مبلغاً فإن ذلك من فضل الله عليك (... وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا) (الإسراء/ 85). وما أنت إلا سبب فكن على صلة دائمة بربك العليم يهبك علماً، واشكره يزدك فضلاً، منك، واعلم أن النبي (ص) يحثك ويشجعك على العلم ويبشرك، فيقول: "ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع حتى يرجع" (رواه أحمد وصححه السيوطي).


     
  2. ايناس

    ايناس عضو وفيّ

    موضوع في قمة الخيااال
    طرحت فابدعت
    دمت ودام عطائك
    ودائما بأنتظار جديدك الشيق
    لك خالص حبي وأشواقي
    سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
    اعذب التحايا لك

    لكـ خالص احترامي
     
  3. فارس الاسلام

    فارس الاسلام طاقم الإدارة مشرف

    طرح ممتاز وابداع رائع
    شكرا أختي
     
  4. جنة الاحلام

    جنة الاحلام عضو وفيّ

    بارك الله فيك
     
  5. هايدي

    هايدي عضو نشيط


    روعة ما قدمت من ابداع

    دائما تتألق بجمال طرحك المميز

    مشكورة اختي ووضعه الله
    بميزان حسناتك

    هايدي

     
  6. إبن الوفاء

    إبن الوفاء عضو نشيط

    بوركت اخي الفاضل
     

مشاركة هذه الصفحة